أخبار ||

الجزيرة والفرات.. البيانات والتواقيع و اللحظة التاريخية.

كثرت في الآونة الأخيرة البيانات التي تزج بأسماء أبناء المنطقة الشرقية، و تخفي دفعاً ممنهجاً من شخصيات ومكونات ساهمت في وصول المنطقة الشرقية إلى واقع ما هي عليه الآن، تحقيقاً لمصالح دول بعينها. وهي حالة يتم الاشتغال عليها من البعض أنفسهم الذين سوقوا لسابقاتها من المشاريع التي مرت على المنطقة الشرقية، بدءاً من فوضى السلاح، وتعدد الداعمين، مروراً بجبهة النصرة، وداعش.

لا يختلف اثنان حول انسياق البعض من مكونات المعارضة – بشكل علني – وراء المصالح الذاتية لداعميهم، فعملوا – منذ البداية- بشكل ممنهج على  إجهاض الحراك المدني في المنطقة الشرقية، ونجحوا في تحويله إلى فصائل جهادية مصنفة تحت بند الإرهاب، مقدمين بذلك طبقاً من ذهب للنظام، الذي أكد فرضيته للعالم، بأن المعارضة السورية هي مجرد مجموعات إرهابية.

حين أصبحت المنطقة الشرقية عاصمة لداعش، أضاع هؤلاء على أبناء المنطقة الشرقية اللحظة التاريخية، فقد انساق المُمنهجون أنفسهم لرغبات واستراتيجيات داعميهم، فكانت الطامة الكبرى حين طلب الأمريكي من شخصيات فاعلة في المعارضة محاربة داعش، إلا أنّهم رفضوا تحت شعار شعبوي مؤداه ” النظام أولاً”، والويل والثبور والتخوين لمن يقول غير ذلك. في الوقت الذي تُرك فيه خيرة أبناء المنطقة الشرقية يذبحون جهاراً نهاراً.

المنساقون أنفسهم، حرموا أبناء المنطقة الشرقية من دورهم في تحرير مناطقهم وحماية أهلهم، فهاموا على وجوههم في معارك تحركها التفاهمات بين القوى المتنافسة، لينتهوا ” وليمة لأعشاب البحر”.

لم ينل أبناء المنطقة الشرقية أي دور سياسي استناداً لنسب التمثيل في المعارضة السورية، وبالرغم من تقلد بعضهم أرفع المناصب، إلا أنهم لم يتمكنوا من فهم أهمية المنطقة ومحوريتها بين القوى المتصارعة، كما لم تتمكن مكونات المعارضة  من رفد المنطقة أو تأهيلها سياسياً أو إدارياً أو خدمياً، بل على العكس من ذلك، فقد تُركت المنطقة للفراغ والفوضى، الذي أهلها لتكون عاصمة لداعش وأخواتها.

المشاريع ذاتها اليوم، يُعاد تدويرها من جديد، لتصب في أتون التجاذبات السياسية ذاتها، و رسم خطوط التماس ومناطق النفوذ، التي يتم الاشتغال عليها لإخراج سورية دولة ضعيفة وهشة وفاشلة، تتوازعها ثلاث مناطق، واحدة في الشمال، وأخرى في الغرب، وأخرى في الشمال الشرقي، يقابلها كانتون للمليشيات الإيرانية، والأخيرتين هما التربة الخصبة لصراعات مادتها الجديدة العزف على وتر الشيفونيات العرقية.

أمام ذلك، فإن الجميع مطالبون كرد وعرب وسريان وآشوريين وأزيديين وغيرهم بالعمل على تجميع القوى الوطنية الديمقراطية تحت سقف وطني سوري قادر على تحقيق التغيير الديمقراطي المنشود. ولعل ماتقوم به القوى الوطنية الديمقراطية من جميع مشاربها ومن بينها مجلس سورية الديموقراطية بالتأسيس لتيار وطني ديمقراطي معارض، و ما صرح به أمس القيادي في مسد ألدار خليل بأنهم ” جزء من سورية” هو مرحلة مفصلية من عمر المعارضة السورية، و لبنة تؤسس لبناء سورية الموحدة. أما البيانات التي تزج بأسماء أبناء المنطقة الشرقية في كل مرة، فهي عملية لا تخرج عن كونها، إما حالة من اللطم والندب الذي لن يؤدي إلى أية نتيجة، وإما مزيداً من “شيطنة” الآخر للآخر، وبالتالي مزيداً من الانقسامات المجتمعية التي لم تعد تتحملها المنطقة الشرقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.