أخبار ||

السياسي السوري علي السعد: المؤسسات التلسطية، في غالبية الدول العربية لم تتمكن من بلورة هوية عربية حضارية.

ألقى عضو المجلس الرئاسي في مجلس سورية الديمقراطية، السياسي السوري والقيادي في هيئة التنسيق الوطنية – حركة التغيير الديمقراطي الأستاذ علي السعد، محاضرة بعنوان ” الهوية الوطنية السورية: تاريخها، وواقعها ومستقبلها، وذلك في قاعة منتدى الإصلاح والتغيير الديمقراطي في مدينة القامشلي.

وقال السعد، لقد أنّ الهوية الوطنية السورية بالكثير من المراحل والتحولات والتسميات التي شكلت منعكساً للتحولات السياسية والجغرافية  فعرف الشعب السورية تارة بـ ” الأمة السورية”، وتارة أخرى بـ ” الشعب السوري” وتارة أخرى بـ ” مواطني الجمهورية العربية السورية”.

وتابع السعد، أنه مع تصاعد المد القومي في أوروبا، تأثرالكثير من من مثقفي وسياسي المنطقة بفكرة المد القومي من باب الانتماء إلى سوريا الطبيعية، أي بلاد الشام ( سوريا ، لبنان، الأردن، فلسطين)، وفي العهد العثماني وخلال منتصف القرن التاسع عشر،  سميّت ولاية دمشق باسم ولاية سوريا، وكان مايميز سورية عن غيرها من الولايات العثمانية وجود المدارس الأجنبية إلى جانب المدارس الوطنية الحكومية التي يعود لها التأسيس لنشوء الهوية السورية الحديثة، التي ظهرت في كتابات مثقفي وأدباء سوريا ( بلاد الشام) ، فعلى سبيل المثال كتب أمين الريحاني ” أنا سوري أولاً، لبناني ثانيًا،وماروني بعد ذلك” .

وأوضح السعد، أنّ القرن التاسع عشر شكل مرحلة حاسمة في تكوين الهوية السورية، حيث ظهرت حركات أدبية وجمعيات  وتوجهات سياسية لمثقفين ومفكرين أطلقوا – لأول مرة- مصطلح ” الهوية السورية”،وهي الفكرة التي تصاعدت أكثر فأكثر  خلال القرن العشرين، الذي شهدت فريد في بلورة الهوية السورية لسوريا بجغرافيتها الحالية.

وشرح السعد تاريخية تشكيل الهوية الوطنية السورية وبلورتها منذ أن قسم الاحتلال الفرنسي سورية إلى ثمان ولايات، ولكن هذا القرار – حسب السعد- جاء ليشكل ردة فعل لتكوين الهوية السورية الموحدة، حين قررت خمسة ولايات بالاتحاد تدريجياً لتشكل في العام 1936 لتشكل الجمهورية السورية، التي رسمت أولى ملامح الهوية السورية الحالية لشعوب متنوعة عرقياً وقومياً ودينياً غالبيته من العرب إلى جانب الكرد والأرمن والسريان والسريان الآشوريين، لجغرافيا متنوعة أيضاً أفرزت تنوعاً ديمغرافياً خلال النصف الثاني من القرن العشرين أدى إلى نشوء مدناً كبيرة كحلب ودمشق وحمص واللاذقية، والعشائر المستقرة تاريخياً في المحافظات الشرقية والجنوبية إلى جانب مجموعات من البدو الرحل ونصف الرحل. حيث شكل الإسلام السنّي دين الغالبية إلى جانب علويون، ودروز، وإسماعيليون، ويزيديون، وكذلك مسيحيون وعدد قليل من اليهود.

وحول اتسام الهوية السورية تاريخياً بالهوية العربية، قال السعد، منذ بدايات تبلور الهوية لسورية ظلت مسألة ” الهوية العربية” تتلازم معها بشكل وثيق، دون أن تجنج إلى الفكر القومي بقدر ماكانت هوية جامعة تستند على أساسيات وجودها كاللغة، و الاقتصاد، والدين؛ وبالرغم من الدعوات التي نادت بدولة عربية موحدةمستقلة إلا أنّ ذلك لم يؤثر على ثقافة المجتمع السوري المتنوع، بحيث كانت المناداة بالعروبة كهوية مدنية سياسية، ولعل المقولةالشهيرة لرئيس الوزراء السوري حقي العظم (1864 – 1955): “إن جميع السوريين، المسلمين قبل المسيحيين، يرفضون الحكم الديني مجددًا، و جميع السوريين يرفضون سلطة ملك يقبع في الحجاز”، في إشارة  إلى الشريف الحسين بن علي.

وتابع السعد، لقد زاد هذا الشعور ما أسس له – قبل هذا التاريخ- مجموعة من المفكرين العرب الذين لمسوا الفارق الحضاري بين بلادهم وبين أوروبا، وزاد من هذا الشعور ابتعاث الكثير منهم إلى أوروبا، الأمر الذي أدى إلى بروز حركات الإصلاح السياسي داخل الدولة العثمانية أدت إلى نشوء الحركة القومية العربية، التي أثمرت جهودها في انفصال العرب عن الدولة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى، وظهرت أصوات أمثال ميشيل عفلق، وصلاح البيطار، وأكرم الحوراني، وياسين الحافظ وغيرهم من النخب التي تبنت فكرة القومية العربية، التي اصبغت على الهوية السورية فكرة القومية العربية، التي تبناها كمشروع نهضوي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في خضم صراع دولي بين المسكرين الاشتراكي بقيادة الاتحادة السوفياتي والرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، فأصبح عبد الناصر المنقذ الذي حشد الجماهير العربية من خلال فكرة الوحدة العربية، التي أكثر من تعاطف معها السوريون، بل وتركت شعوراً بحتمية هذا المشروع الذي مازال يشكل عنواناً للهوية السورية.

وعن واقع الهوية الوطنية السورية أضاف السعد، لقد ظلت سورية التي سماها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بـ ” قلب العروبة النايض” تحمل هويتها ” العربية” وربما هي الوحيدة في محيطها العربي التي ما انفكت ترفع شعارات القومية والوحدة العربية، و  أمام سيطرة المؤسسات الأمنية التلسطية، لم تتمكن غالبية الدول العربية ومعها سورية من بلورة هوية عربية حضارية، تتوازى و فكرة دولة المواطنة والديمقراطية و الحقوق والحريات، ماوضع الهوية السورية أمام تحديات تعاني اليوم من تحديد اتجاهاتها بحيث ظهرت مع اندلاع الانتفاضة السورية في العام 2011 أمام هزة عنيفة تحتاج معها إعادة النظر في جميع البنى التي يتأسس عليها المجتمع السوري، الذي مازال يدور في فلك عدم الاستقرار والشمولية.

وفي نهاية المحاضرة، اكد السعد أن دولة المواطنة، هي السبيل لهوية سورية جامعة، فمع تطور الديمقراطيات المعاصرة، أصبحت فكرة الهوية تتلخص في دولة المواطنة التي تحددها المؤشرات الديمقراطية، كأحد المعايير الإيجابية للحكم على الهوية الوطنية بالاستقرار من حيث تطبيق قواعد الديمقراطية في الحكم، و إتاحة الفرصة للجماهير لمشاركة السلطة في تسيير شؤون المجتمع وحل مشكلاته، وذلك بالعمل على دستور عصري ديمقراطي، ليكون العقد الاجتماعي الذي يحدد العلاقة بين السلطة والأفراد. وبالتالي فقط أصبح التركيز على فكرة الهوية الوطنية الجامعة من خلال بناء دولة المواطنة التي تعطي حق الفرد في المشاركة بغض النظر عن لونه أو جنسه أو معتقده، بحيث تشكل السياج الذي يحمي ويؤمن الممارسة السليمة للأفراد والجماعات في ممارسة حقوقهم الدينية والهوياتية، وبالتالي تجفيف الاصطفافات الدينية والاثنية والقومية والتمترس بها.

وختم قائلاً، إنّ دولة المواطنة هي الوحيدة القادرة على بلورة الهوية الوطنية السورية من خلال حماية الخصوصيات للأفراد والجماعات، بما يساعد على تجفيف جميع أشكال الاستبداد، سواء منه السياسي أو القومي أو الديني

متابعة: المكتب الإعلامي في التيار العربي المستقل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.