أخبار ||

روبرت فورد: لنكن صريحين.. أمريكا لن تتدخل لوقف القصف على إدلب

قال السفير الأمريكي السابق لدى سوريا، والباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، “روبرت فورد”، “علمت من كثير من السوريين أنهم يتوقعون تدخل الجيش الأمريكي لإيقاف الفظائع التي ترتكبها الحكومة السورية، وحري بنا كأمريكيين أن نكون صادقين تماماً مع السوريين الآن، فالولايات المتحدة لن تتدخل لوقف قصف إدلب. ومن العدل أن يتساءل السوريون: لماذا؟”
ها أنا قد تقاعدت عن العمل لدى الحكومة، وأستطيع التحدث بصراحة.

أولاً، فيما يخص الشرعية الدولية، كي يتدخل بلد ما عسكرياً ضد دولة أخرى، عادة ما يحتاج ذلك البلد إما إلى الرد على هجوم مباشر أو إلى موافقة مجلس الأمن الدولي. لكن سوريا لم تهاجم الولايات المتحدة، وستستخدم روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار لمجلس الأمن يمنح الأمريكيين الإذن باستخدام القوات الأمريكية ضد قصف الطائرات السورية لإدلب.

وحتى الغارات الجوية الأمريكية بعد هجمات الحكومة السورية الكيماوية هي الأخرى تخضع لمسألة الشرعية (بالطبع، يجب عليّ أن أسأل أولئك الذين يطالبون بنظام دولي يعتمد فقط على القانون الدولي والشرعية هذا السؤال: هل الدول التي تقتل مواطنيها تستحق الاحترام الكامل لسيادتها؟).

ثانياً، اقتسمت واشنطن وموسكو المجال الجوي السوري، إذ يسيطر الروس على جميع أجواء غرب نهر الفرات، فيما يسيطر الأمريكيون على جميع الأجواء شرق النهر. وحال شرعت القوات الجوية الأمريكية في التحليق فوق إدلب، سيكون هناك احتمال حقيقي للقتال بين الطائرات الحربية الروسية والأمريكية. والحقيقة هي أنه لا أحد في الولايات المتحدة على استعداد للمخاطرة بحرب عالمية ثالثة بسبب سوريا.

الآن، يجب أن أعترف أنه عندما كنت أعمل بملف سوريا في وزارة الخارجية، قبل التدخل الروسي، لم أمارس ضغوطاً على منطقة حظر طيران أمريكية فوق سوريا؛ كنا نعرف أن لدينا سؤالاً حول مسألة الشرعية. وبالإضافة إلى ذلك، تذكرنا تجربة العراق، حيث فرضت القوات الجوية الأمريكية مناطق حظر طيران فوق العراق في عهد صدام، بدءاً من عام 1991 حتى عام 2003، ولم تنتهِ تلك المهام الجوية إلا عندما دخل الجيش الأمريكي بغداد وأطاح بصدام.

وفي عامي 2012 و2013، قال الجيش الأمريكي في واشنطن خلال مناقشاتنا إن منطقة حظر الطيران فوق سوريا ستتطلب عدداً كبيراً من الطائرات وكثيراً من المهام القتالية. ولا أحد يستطيع أن يحدد متى سينتهي حظر الطيران. لقد انتهينا من سحب آخر الجنود الأمريكيين من العراق في ديسمبر (كانون الأول) 2011، ولم يرغب أي من كبار المسؤولين الأمريكيين عن سوريا، بمن فيهم أنا، في بدء عملية عسكرية جديدة غير محدودة في سوريا.

لكن في عام 2015، تغيرت السياسة الأمريكية. فمن أجل قتال «داعش»، فرضت الولايات المتحدة منطقة حظر طيران فوق الأراضي السورية شرق نهر الفرات. وكانت هذه العملية أسهل بكثير مما أخبرنا به الجيش الأمريكي عام 2012؛ العملية أصغر لكنها ناجحة. فتلك المدن الواقعة في شمال شرقي سوريا لا تخشى الضربات الجوية، وتتمتع بأمن نسبي لا يحلم به سكان إدلب.
ولذلك، يمكننا أن نتساءل ما إذا كان الأمريكيون يبالون حقاً بحياة المدنيين السوريين أم لا. عاطفياً، بالتأكيد يبالون، فقد عملوا مع الأمم المتحدة، وأنفقوا أكثر من 9 مليارات دولار لمساعدة النازحين واللاجئين السوريين خارج سوريا. وهناك منطقة حظر طيران في شرق سوريا، لكن الغرض من منطقة حظر الطيران هذه هو مساعدة «قوات سوريا الديمقراطية» التي تقاتل «داعش»، وهناك شعور في الإدارة والكونغرس، وفي كثير من وسائل الإعلام الأمريكية، بأنه يتعين على الأمريكيين مساعدة تلك القوات لأنهم ساعدونا في مواجهة «داعش». لا أحد يعلم كم من الوقت ستستمر منطقة الحظر الجوي هذه، أو تلك العلاقة الخاصة التي تربطنا بـ«قوات سوريا الديمقراطية»، لكن خبرتنا تقول إنها ستنتهي يوماً ما.

منذ زمن الرئيس باراك أوباما حتى اليوم، حرص الأمريكيون على أن تكون مشاركتهم في سوريا محدودة. ومن الجدير بالذكر أن الرئيس دونالد ترمب أصر على ألا تقدم الولايات المتحدة كثيراً من التمويل لإعادة بناء الرقة، بعد أن استعادتها القوات الأمريكية والسورية الكردية من سيطرة «داعش».

وفي الوقت نفسه، لا يقدم الأمريكيون أي مساعدة لتخفيف المعاناة الشديدة للنازحين بمخيم الركبان، بالقرب من قاعدة أمريكية في منطقة «تنف»، في جنوب سوريا. فالأمريكيون موجودون لمنع إيران من إيجاد طريق هناك، بمعنى أنهم ليسوا هناك لمساعدة منطقة الركبان. ورغم احتلال الجيش الأمريكي لمنطقة «التنف»، وبالتالي مسؤوليتها عن منطقة «الركبان»، وفقاً للقانون الدولي، فإن واشنطن تزعم أن «الركبان» تمثل مشكلة بالنسبة لدمشق وموسكو فقط.

ومن الجدير بالذكر أن واشنطن منعت معظم المواطنين السوريين من الحصول على تأشيرات أمريكية. واقترحت إدارة ترمب مؤخراً على الكونغرس حظر دخول أي لاجئ جديد، بما في ذلك السوريون. لذلك إذا كنت مواطناً سورياً، أنصحك بأمانة بألا تتوقع الكثير، ولا تنتظر جديداً من الولايات المتحدة.

لقراءة المقال من المصدر

https://cutt.us/6yeEI

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.