أخبار ||

زافترا: رسالة إلى الرئيس بايدن خاصة بسورية.

بقلم : الكاتب و المحلل السياسي رامي الشاعر.

أكّد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في رسالة للرئيس الأفغاني، أشرف غني، نشرتها وسائل إعلام، أن واشنطن لا تستبعد إمكانية سحب قواتها من البلاد في الموعد المتّفق عليه مع حركة “طالبان”.

ومن بين المقترحات الأربع التي طرحها بلينكن لتسريع عملية السلام التوجّه إلى هيئة الأمم المتحدة بطلب تنظيم اجتماع دولي بشأن التسوية الأفغانية بمشاركة وزراء خارجية ومبعوثي كل من روسيا والصين وباكستان وإيران والهند والولايات المتحدة الأمريكية.

يأتي ذلك في خضم سعي إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، للالتزام باتفاق خروج القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول مايو المقبل. كما اقترح بلينكن التقدّم إلى تركيا بطلب استضافة اجتماع رفيع المستوى بين حكومة كابول وطالبان في الأسابيع القليلة القادمة بهدف إتمام عملية السلام.

في سياق متّصل، أعلن المبعوث الخاص للرئيس الروسي بشأن التسوية الأفغانية، ضمير كابولوف، أن روسيا وجّهت دعوة إلى ممثلي الحكومة الأفغانية وشخصيات أفغانية بارزة و”طالبان” لحضور “مشاورات الثلاثية الموسعة” (روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين وباكستان). وأعرب كابولوف عن شكوكه في إمكانية أن تسحب الولايات المتحدة الأمريكية قواتها من أفغانستان بالكامل في الموعد المقرر لذلك، معقباً أن هذه العملية “شبه مستحيلة من وجهة النظر التقني”.

من جانبه أكّد المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة “طالبان” الأفغانية في قطر، محمد نعيم، تلقّي الحركة دعوة لحضور مؤتمر حول أفغانستان يوم 18 مارس الجاري في موسكو.

ترى هل تمتد سياسة الانسحاب العسكري للقوات الأمريكية لتشمل انسحاب تلك القوات من الأراضي السورية؟ وهل نشهد مقترحات أمريكية جديدة بشأن التسوية السورية تشمل أيضاً إيران وروسيا وتركيا، خاصة مع إدراك إدارة الرئيس بايدن أن استمرار الوضع الراهن في سوريا أو تدهوره سوف يترتب عليه تداعيات خطيرة، في صدارتها استمرار معاناة الشعب السوري، وتدفق موجات جديدة من اللاجئين إلى الدول المجاورة، وتوفير أرضية خصبة للتنظيمات الإرهابية المتطرفة، وتصاعد احتمالات عودة الاشتباكات المسلحة بين أطراف النزاع، وهو ما سيؤثر على المنطقة برمتها.

من ناحيته حث وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال زيارته الرسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، على العودة المتزامنة إلى بنود الاتفاق النووي الإيراني من الطرفين الأمريكي والإيراني، قائلاً: “إذا اعتمدنا فقط على قضية من سيعود أولاً إلى احترام التزاماته، فإن هذا النقاش يمكن أن يتواصل إلى ما لا نهاية”.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعربت الأسبوع الماضي، عن استعدادها لقاء إيران من أجل إنقاذ الاتفاق، رغم رفض طهران التي تعتبر أن الوقت ليس مناسباً بعد للقيام بهذا اللقاء. وقد وجّه 140 عضواً في الكونغرس الأمريكي، الثلاثاء 9 مارس، من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي رسالة إلى الرئيس الأمريكي طالبوه فيها بالتوصل إلى اتفاق شامل مع إيران لفرض قيود على برنامجها النووي، وأنشطتها المتعلقة بقضايا الأمن القومي.

إن قضية الاتفاق النووي الإيراني ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوضع في سوريا، والوضع في سوريا يرتبط بمفهوم السيادة، الذي وقف عائقاً أمام الجولة الخامسة من اجتماعات الهيئة المصغّرة للجنة الدستورية السورية، ووجود القوات الأجنبية على الأراضي السورية يرتبط بمفهوم الأمن والكرامة والحرية لجميع أبناء الشعب السوري، الذي يقع تحت طائلة العقوبات الدولية، والعقوبات الدولية ترتبط بمدى التزام أطراف النزاع، وخاصة القيادة في دمشق، بوصفها الممثل الشرعي الوحيد عن الشعب السوري والدولة السورية، بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، وقرار مجلس الأمن مرتبط باجتماعات اللجنة الدستورية، التي تناقش مفهوم السيادة.. دائرة مفرغة لا فكاك منها إلا بحلول جريئة تكسر جمود تلك الدائرة.

لقد كانت تكلفة الحرب الأفغانية ما يزيد عن 700 تريليون دولار أمريكي، وعشرات الآلاف من القتلى، خلال عشرين عاماً، لم تسفر عن أي شيء، فلا زالت “طالبان” موجودة على الأرض، تحظى بحاضنة شعبية معتبرة، تسمح لها بالوجود والعمل على الأراضي الأفغانية، ولا زالت الحكومة الأفغانية في كابل، تعاني من العمليات الإرهابية، وعدم الاستقرار، وبالتالي من المشكلات الاقتصادية المتعلّقة بذلك. اليوم، تحاول الأطراف البحث عن حلول، ووقف لإطلاق النار، ووقف لحمام الدم المستمر لأكثر من ثلاثة عقود. في سوريا، أسفرت الحرب الأهلية أيضاً عن مقتل مئات الآلاف، ونزوح الملايين، وأزمات متنوعة بين ضغط اقتصادي على دول الجوار، ومشاكل في الهجرة إلى الشمال، والتماهي مع المجتمعات الأوروبية، فهل يمكن أن ننتظر عودة إلى صوت العقل، وقرارات ودور هيئة الأمم المتحدة في حفظ الأمن والسلم العالميين.

لقد صرّح وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، خلال مؤتمره الصحفي مع نظيره الروسي، بأن عودة سوريا إلى محيطها أمر لا بد منه، وهو من مصلحة سوريا والمنطقة ككل، وأكّد أن التحدّي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا هو قانون قيصر.

وتابع آل نهيان أن أحد الأدوار المهمة التي يجب أن تعود إليها سوريا هو دورها في جامعة الدول العربية، وهو ما يتطلب جهداً كذلك من الجانب السوري إلى جانب جهود الزملاء في الجامعة العربية.

لذلك نتمنى من الإدارة الأمريكية الخروج بمبادرة سورية، على غرار المبادرة الأفغانية، قبل أن يمر 100 يوم على تسلم جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، للمساهمة الجدية في حل الأزمة السورية، ورفع المعاناة عن السوريين وجيرانهم، والمضي قدماً في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254.

ونتمنى كذلك أن تتحلّى الإدارة الحالية للبيت الأبيض بالمسؤولية تجاه ما اتبع من سياسات واتّخذ من إجراءات غير متّزنة من قبل الإدارة السابقة على مدى أربع سنوات، وتسببت في تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا، وهو ما انعكس سلباً على ملايين السوريين، الذين أصبحوا يعانون الفقر والجوع والمرض والتشرّد. نرجو أن تتخذ الإدارة الحالية خطوات فورية لفك الحصار الاقتصادي، وإلغاء قانون قيصر الذي يعاقب الشعب السوري بأكمله، ولم يعد هناك ما هو أهم الآن من إنقاذ هذا الشعب، وتخليصه من سياسة العقاب الجماعي اللاإنسانية التي يتعرّض لها.

المصدر: رأي اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.