أخبار ||

رامي الشاعر: منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية.

لا يختلف إثنان بأن عملية ” طوفان الأقصى” ليست حدثاً من الأحداث الطارئة بقدر ماجاءت في سياق تاريخي للصراع الإسرائيلي العربي الذي فُرض على المنطقة العربية المراد لها – دون غيرها – البقاء في ” سياسة المستنقعات” كبقعة ظلت متفجرة بالصراعات والانقسامات منذ بروز الصراع الإسرائيلي العربي.

كما لايختلف إثنان بأن العملية ذاتها – أي عملية طوفان الأقصى – حسمت إعادة ترتيب موازين القوى على طريقة الحرب البادرة، إذ  كشفت الاصطفافات الدولية منها والإقليمية والعربية، وعلى وجه الخصوص الشعبية منها إعادة تموضع متجدد للنظام الدولي بل وعودة الخط الفاصل بين الشرق والغرب، إذ ظهرت روسيا والصين والدول الصاعدة ومعها الدول العربية في مواجهة واضحة أمام ثقافة سياسات الغرب الأطلسي التي تواجه اليوم احتجاجات ومسيرات ومواقف لنخب ثقافية وفنية وسياسية في مواجهة ما ترتكبه دولة الاحتلال من جرائم حرب وتهجير للسكان المدنيين وانتهاك واضح لقواعد حماية المدنيين النزاعات المسلحة التي تضمنتها قواعد ومبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

الانقسامات ذاتها ظهرت داخل الإدارة الأمريكية والحزب الديمقراطي ذاته التي شهدت انتقادات حادة لإدارة بايدن من قبل سياسين وأعضاء من مجلس النواب، فقد تحولت النائبة عن الحزب الديمقراطي إلهان عمر وعضوة الكونغرس الأمريكي إلى شخصية عامة تصدرت أحداث الرأي العام الأمريكي، خصوصاً بعد  إقالتها من لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب بسبب مواقفها من أحداث غزة الأخيرة، وبسب تسميتها سياسة الاحتلال الإسرائيلي بأنه ” نظام فصل عنصري”. وهي الدعوات التي انتشرت كالنار في الهشيم في الاوساط الثقافية والفنية والجماهيرية داخل الولايات المتحدة التي تشهد احتجاجات حاشدة لنصرة الحق الفلسطيني. وهي الأحداث التي لم تشهدها القضية الفلسطينية منذ تصدرها واجهة الحدث العالمي أيام منظمة التحرير الفلسطينية التي مازالت الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.

في هذا السياق قال المحلل والدبلوماسي الفلسطيني رامي الشاعر، لقد أثمرت الجهود الدولية الدبلوماسية، التي شارك فيها كل من قطر ومصر والأمم المتحدة عن التوصل إلى هدنة لأربعة أيام، واتفاق لتبادل 300 سجين من النساء والأطفال لدى إسرائيل، مقابل 50 من الأسرى، مع فتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية وخروج الرعايا الأجانب الراغبين في الخروج من القطاع.

وأشار الدبلوماسي الفلسطيني في مقالة نشرها في صحيفة ” رأي اليوم”، إلى ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقال،  من هنا أود توجيه رسالة إلى جميع المسؤولين في الدول العربية أن تلك الهدنة، التي تم التوصل إليها، تتطلب، أكثر من أي وقت آخر، موقف عربي حاسم للغاية، لأن ما صدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يوم أمس، وما ورد من معلومات من داخل الإدارة الأمريكية يؤكد أن تل أبيب تعتزم مواصلة عمليتها العسكرية من أجل ما يزعمون أنه “تحقيق الانتصار الكبير، وتحقيق أهداف العملية العسكرية وهي القضاء على حماس، وإعادة جميع المخطوفين”.

وحول موقف الولايات المتحدة من الهدنة قال الشاعر، أقول إن الإدارة الأمريكية هي الأخرى تخفي نواياها الحقيقية في استخدام هذه الهدنة كخطوة تكتيكية لتسهيل عودة المحتجزين الإسرائيليين من قبل حماس، وبعدها الاستمرار في خطة خبيثة للسيطرة الكاملة على قطاع غزة بأكمله، ليعلنوا بعد ذلك أنه “لا يوجد طرف فلسطيني يمثل الشعب الفلسطيني”، بل ويعتزمون الذهاب لأبعد من ذلك بسحب الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، وسيقولون إن “منظمة التحرير الفلسطينية لم تعد موجودة”، وسيطرحون في الأمم المتحدة قضية سحب القرار الذي تم بموجبه الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني (أوضح هنا أن السلطة الوطنية الفلسطينية لا تتمتع بوضع مثبت في قرارات الأمم المتحدة، لكن منظمة التحرير الفلسطينية فقط هي المعترف بها دولياً من قبل الأمم المتحدة. وقد قررت واشنطن وتل أبيب وقف تمويل ومنع وصول المساعدات المالية للضفة والقطاع، في الوقت الذي يمثل فيه الراتب الشهري المصدر الأساسي لمقومات الحياة لغالبية الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، وتلك إحدى الأدوات، بخلاف القتل والدمار، لإجبار شعبنا الفلسطيني على ترك الأراضي الفلسطينية)، وعلى هذه الخلفية، سيرغبون في إغلاق الممثليات والسفارات الفلسطينية في البلدان المختلفة، إضافة إلى إعادة النظر في القرارات الأممية الخاصة بحل الدولتين، تمهيدا لنسف فكرة الدولتين من أساسها.

ونوه الشاعر بالقول، لهذا الغرض تراهن بعض الأطراف الصهيونية داخل الإدارة الأمريكية، ومعهم حكومة نتنياهو على التمكن من اختلاق فتنة وصدامات داخلية في الضفة الغربية، بالتزامن مع افتعال بعض التصدعات الإقليمية، لا سيما أن اجتماع القمة العربية والإسلامية، وقدر التعاطف الإقليمي والدولي الهائل قد أصبح يهدد إسرائيل بشكل حقيقي، وسيستغلون هذا كله لقطع المساعدات المالية وتشويه سمعة الشخصيات القيادية الفلسطينية بهدف تصفية القضية الفلسطينية. وتابع الشاعر، لهذا يصبح أهم ما يتعين علينا القيام به فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، إضافة إلى التحركات الدبلوماسية، اتخاذ خطوات عملية وفعلية تهدد بالدرجة الأولى المصالح الأمريكية في العالم العربي والإسلامي، ودعم الفلسطينيين بكل ما يمكن، وبالدرجة الأولى إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني. وعلى الفلسطينيين بهذا الصدد أن يعقدوا فوراً مؤتمراً وطنياً، يتم فيه انتخاب لجنة تنفيذية تمثل جميع التنظيمات والفصائل وكافة أطياف الشعب الفلسطيني، بما في ذلك أهالينا في الشتات، ويمكن القيام بذلك بواسطة التقنيات الحديثة ووسائل الاتصالات وغيرها لاستعادة الدور الفعال لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وحول موقع القضية الفلسطينة كحق تقرير مصير معترف به في الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة أكد الشاعر بقوله، أكرر هنا أنه في هذه المرحلة الدقيقة لا يجوز الثقة بالإدارة الأمريكية الحالية بتاتاً. والأمل فقط ظل في دول الجنوب العالمي، ومجموعة “بريكس”، وغيرها من دول العالم الحر الذين يقفون بصدق وإخلاص إلى جانب الحق الشرعي للشعب الفلسطيني. ويجب أن نستند إلى هؤلاء في إفشال مخطط الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية لتصفية القضية الفلسطينية. في النهاية نعوّل بشكل كبير على المملكة العربية السعودية، فيما تشير كل المؤشرات إلى أن الرياض قد بدأت بالفعل في اتخاذ مواقف وتحركات حاسمة وجدية للغاية في هذا الإطار.

وشدد الدبلوماسي والاستراتيجي الفلسطيني بالقول، يجب على الدول العربية الآن طرح قضية اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية على الطاولة، وأن يكون تمثيل فلسطين كاملاً وليس كمراقب، ورفض أي حجة لعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة بلا حدود واضحة ومحددة. بالمناسبة، ربما لا يعرف كثيرون أن دولة إسرائيل هي الأخرى معترف بها في الأمم المتحدة دون حدود واضحة ومحددة، لهذا فإن أي تبريرات لعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة لن يكون مقبولاً، وأنا على ثقة أن طرح الاعتراف بالدولة الفلسطينية اعترافاً كاملاً غير منقوص في الجمعية العامة للأمم المتحدة سيحظى بتأييد الغالبية الساحقة، وسيفضح انعزال إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية أمام العالم أجمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.