أخبار ||

الشاعر: لن تتمكن إسرائيل ومن وراءها أن تقف أمام الإرادة الفلسطينية وتصميم الشعب الفلسطيني الأبيّ.

في لحظة تاريخية من عمر القضية الفلسطينية، وفي غمرة تداعيات عملية طوفان الأقصى، وفي تجدد لعقيدة الصمود الذي تتجدد معه وحدة الدم ” لشعب أقوى من المجازر”. وفي الوقت الذي تعاني منه القضية الفلسطينية من انقسام ايديولوجي حاد، تبدو قضية العرب المركزية أمام تحولات تجعل منها الأزمة/ الفرصة لوحدة الصف الفلسطيني وإنهاء الاحتلال. ولعل نبأ استشهاد أبناء اسماعيل هنية هي الرسالة التي أعادت إلى الرأي العام العربي والفلسطيني- المنقسم إيديولوجياً- ضرورات الوحدة الوطنية أمام أهم وأقدس القضايا المصيرية للأحرار في العالم.

لقد أظهرت وسائل الرأي العام العربي والفلسطيني ومعها جميع وسائل التواصل الاجتماعي ، وفور وصل نبأ الشهداء الأشقاء الثلاثة، حالة جماهيرية أعادت إلى الذاكرة وحدة الدم الفلسطيني، لتصبح دمائهم التي سالت على الأرض الفلسطينية امتداداً لقضية أرض سليبة يوحدها الدم الذي يذكرنا بمراحل النضال الفلسطيني الموحد تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، وهاهي المجازر التي تجري في غزة تذكرنا بتاريخ من المجازر منذ دير ياسين والطنطورة وصبرا وشاتيلا وغيرها الآلاف من المجازر، كما تذكرنا دماء حازم، وأمير، ومحمد بسياق تاريخي من أجيال التضحية منذ عز الدين القسام إلى غسان كنفاني ودلال المغربي وخليل الوزير وصلاح خلف وأحمد ياسين وغيرهم الآلاف من أجيال التضحية والفداء، الذين مازالت دمائهم تقول للعالم أن القضية الفلسطينية أقوى من المجازر، وهي فوق تشرذم الأحزاب وانقسام الإيديولوجيات، وأقوى من المحاور التي تدور في فلكها، لأنها  قضية شعب مازالت حقوقه المعترف بها في قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة رهينة التجاذبات والمصالح الدولية، التي لن تقوى على إرادة شعب تعيش قضيته في ضمير كل فلسطيني مؤمن بحقه في تقرير مصيره بنفسه، كحق تاريخي لشعب اجتث من أرضه ليُرمى في الشتات.

في هذا السياق قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني الدكتور رامي الشاعر، أنّ  رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية قال بعد تلقي نبأ مقتل 3 من أبنائه (حازم وأمير ومحمد) وثلاثة من أحفاده بقصف إسرائيلي استهدف سيارة بمخيم الشاطئ غرب غزة: “أشكر الله على هذا الشرف الذي أكرمنا به باستشهاد أبنائي الثلاثة وبعض الأحفاد.. بهذه الآلام والدماء نصنع الآمال والمستقبل والحرية لشعبنا ولقضيتنا ولأمتنا”. وأكد هنية على أن هذه الدماء “لن تزيدنا إلى ثباتاً على مبادئنا وتمسكاً بأرضنا، ولن ينجح العدو في أهدافه ولن تسقط القلاع، وما فشل العدو في انتزاعه بالقتل والتدمير والإبادة لن يأخذه في المفاوضات”.

وحول إصرار الشعب الفلسطيني وصموده في مواجهة مايتعرض له قال الشاعر، إن وصف شعبنا الفلسطيني العظيم بأنه أعزل من السلاح وأوهام إسرائيل بإمكانية “الإبادة الجماعية” لشعبنا هي أوصاف تحيد عن الدقة حينما تنظر إلى والدة الشهداء من أبناء وأحفاد هنية، بينما تصفهم بأنهم “ليسوا ضحايا عزل”، بل “طلبوا الشهادة فنالوها، وكانوا مسلحين بإرادة الصمود والتحدي بأجسادهم”.

وتابع، لن تتمكن إسرائيل ومن وراءها أعتى القوى العظمى على وجه الأرض أن تقف أمام الإرادة الفلسطينية وتصميم الشعب الفلسطيني الأبيّ بأجساده العارية وبجميع فئاته، حتى بنسائه وأطفاله وشيوخه، على بلوغ هدفه العادل والمشروع بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وهذا هو السر الرئيسي الذي تكمن وراؤه هزيمة الجيش الصهيوني الأمريكي المدجج بأحدث المعدات العسكرية.

وأضاف الشاعر، لن تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل، ومن خلال كافة الوساطات (مع كل الاحترام والتقدير لهذه الوساطات)، أن تخرج بأي نتيجة دون الاستجابة الكاملة لشروط الإرادة الفلسطينية سواء في قطاع غزة أو على كامل أراضي الدولة الفلسطينية.

واضاف، يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية، ربما نظراً لحداثة الدولة وافتقارها لتاريخ وجذور تمكنها من استيعاب بعض حقائق التاريخ والجغرافيا وثقافة الحضارات العريقة، لم تدرك بعد أنها هزمت في الشرق الأوسط، وأن إرادة الشعب الفلسطيني وتضحياته وتضامن مليارات البشر مع عدالة نضاله، أقوى من كل الأساطيل والقواعد الأمريكية المنتشرة في جميع أنحاء العالم.

وحول مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة قال الشاعر، يستجيب الأخوة في حماس لمطالب الأصدقاء الوسطاء، ويرسلون ممثلين عنهم لحضور اللقاءات التي تجري من أجل التوصل لاتفاق لوقف القتال، لكن هؤلاء الممثلين عن “حماس” يحضرون لا للتفاوض وإنما لإبلاغ الطرف الآخر مجدداً بشروط الإرادة الفلسطينية، لوقف المعركة التي يخوضها شعبنا الفلسطيني بأجساده. ولا يمكن أن يتنازل الشعب الفلسطيني عن هذه الشروط، التي تجسد إرادته وإرادة كافة القيادات الفلسطينية وكذلك منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. وتأتي هذه الشروط في سياق تلبية تحقيق أهداف النضال الفلسطيني لعقود، والتي يأتي في صدارتها قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وهاجم الشاعر الموقف الأمريكي قائلاً، وليفهم الأمريكيون أنهم لن يستطيعوا أبدا تحقيق أي من أهدافهم من خلال الانفراد بحماس فيما يخص قطاع غزة، وخلق واقع يفصل القطاع عن بقية الأراضي الفلسطينية. لن يحدث ذلك أبدا، وأنصح الأمريكيين بالتخلي عن ذلك المسار الصهيوني الخبيث بزرع الفتنة والرهان على الانشقاق الفلسطيني. فالشعب الفلسطيني جسد واحد، وعائلة الأخ إسماعيل هنية تجسد نضاله المستمر، بارتقاء أبنائه وأحفاده، الذي قال عنهم هنية: “دماء أبنائي ليست أغلى من دماء أبناء شعبنا الشهداء في غزة. فكلهم أبنائي، ودماء أبنائي هي تضحيات على طريق تحرير القدس والأقصى”.

وأضاف، لقد أصبحت مراسم العزاء وغرس بذور الحرية في الأرض الفلسطينية الخصبة المعطاءة واجباً مقدساً نقوم به جميعاً، والتضحيات التي يقدمها شعبنا، وتقدمه قيادات المقاومة بكل أطيافها تعبّد طريقنا نحو تحقيق طوح شعبنا الفلسطيني من أجل التمتع بالدولة الفلسطينية المستقلة.

ودعا الشاعر إلى الضرورات التي تحتمها المرحلة وأهمية البدء بتوحيد الصف الفلسطيني قائلاً، يجب أن يتم فوراً تشكيل وفد من منظمة التحرير الفلسطينية، يشمل الأخوة في حماس والجهاد الإسلامي، للبدء بإجراء لقاءات دولية خاصة بآليات قيام الدولة الفلسطينية على كامل حدود 1967، وأقترح أن يبدأ ذلك الوفد أولى زياراته إلى موسكو، حتى تتمكن موسكو فوراً من السعي والمطالبة باستعادة وتفعيل دول اللجنة الرباعية الدولية للتسوية الفلسطينية والتي تشمل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بالتوازي مع أنشطة عمل وفود عربية وإسلامية على مستوى وزراء الخارجية لإجراء زيارات للأطراف المشاركة بهذه اللجنة الرباعية. وهذا هو السبيل للتوصل لحل الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.