أخبار ||

الكاتب والمحلل الاستراتيجي رامي الشاعر : اللقاء التركي السوري الروسي وضع الأزمة السورية على طريق الحل.

في وقت تشدد فيه أنقرة على أنها ستؤمن عودة آمنة للاجئين السوريين. وفي الوقت الذي تلح فيه حكومة أردوغان على تسريع مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق إلى أعلى المستويات، استقبلت موسكو العدويين اللدودين منذ عشر سنوات سورية وتركيا، في إنعطافة ليست غريبة في إطار المصالح الذاتية للدول، لاسيما وأن الاجتماع تضمن في خطوطه الأولى نقطتين جوهريتين هما مسألة عودة اللاجئين و قضية حزب العمال الكردستاني، وهما النقطتان اللتان ستشكلان – بداهة – مقدمة لمقايضات على الأرض وفي مقدمتها القوى المدعومة من أنقرة في أدلب والشمال.

النقاط ذاتها، دفع الدول المشاركة بنعت الاجتماع بـ ” البناء والمهم”. حيث جرى الحديث أن اللقاء الوزاري الأمني الذي عُقد في موسكو تناول أيضاً مسألة إكمال مرحلة كتابة الدستور الجديد، وإجراء انتخابات حرّة ومستقلة، وبالتالي قد يشكل الاجتماع فاتحة لحراك دبلوماسي طويل، سيتضمن الكثير من الملفات الشائكة والمعقدة محلياً وإقليمياً ودولياً. 

في السياق ذاته، قال الكاتب والمحلل الاستراتيجي د. رامي الشاعر، أن وزارة الدفاع الروسية أشارت عقب الاجتماع الذي ضم وزراء دفاع كل من روسيا وسوريا وتركيا إلى “الطبيعة البناءة” للحوار، وأعربت عن أملها في “ضرورة استمراره لزيادة استقرار الوضع في سوريا والمنطقة كلها”.

وتابع الشاعر، في الوقت نفسه، أعلنت وزارة الدفاع السورية أن اللقاء كان إيجابيا، وهو ما يشي بأن هذه الأجواء الإيجابية لا شك سوف تتطور، ولن يتم التراجع عنها، وقطار التطبيع انطلق بالفعل برعاية موسكو، والأرضية الصلبة التي أعدتها صيغة أستانا ودولها الضامنة (روسيا وإيران وتركيا)، ستمضي قدما في مساعدة سوريا للخروج من أزمتها، لتصبح هذه الصيغة ربما رباعية في المستقبل القريب، على أمل أن تنضم لها بعض الدول العربية عاجلا لا آجلا.

وأشار الشاعر، أن هذه اللقاءات يتم التحضير لها في الثلاث أشهر الأخيرة، وبتعليمات شخصية من الرؤساء بوتين وأردوغان والأسد، بمعنى أن اتصالات مكثفة أمنية وعسكرية ودبلوماسية كانت تجري في الكواليس، ومن ورائها، وهو الأهم بكل تأكيد، إرادة سياسية واضحة ومحددة تتحرك صوب هدف واضح ومحدد. بمعنى أنه حين توفر الإرادة، تتوفر على الفور كل الوسائل، والموائمات، وقدرة الأطراف على التوصل في نهاية المطاف إلى أرضية مشتركة للحوار والتفاهم وإيجاد صيغ للتعاون.

وحول الهدف من هذه اللقاءات قال الشاعر، إن الهدف من كل هذه الاتصالات والمشاورات هو وضع خطوات عملية يتعين اتخاذها لمساعدة سوريا في تجاوز الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها، باعتبار ذلك عامل شديد الأهمية للحفاظ على نظام التهدئة والاستقرار في سوريا. إضافة إلى ذلك، يجب التفكير في شتى السبل الممكنة لحل أزمة اللاجئين، فتركيا تستقبل حوالي 4 مليون لاجئ سوري، ولا يمكن أن يستمر هذا الوضع للأبد، كما أنه من المهم لأمن البلدين تركيا وسوريا تطويق الجماعات المسلحة غير المسيطر عليها، والتي لم تشملها إجراءات التسوية، وتشكل عامل قلق للأمن السوري والتركي بل والمنطقة بشكل عام.

وذكر الشاعر، أن الاتصالات شملت ” قضية قوات سوريا الديمقراطية الكردية”، والتي تسيطر على بعض المناطق في الشمال الشرقي من سوريا وتديرها، والتي كان لها دور أساسي في تحرير تلك المناطق من قبضة التنظيمات الإرهابية الدولية، وهو ما يوجب علينا مراعاة حقوق الأكراد في ممارسة حقوقهم الوطنية في مناطق تواجدهم على أراضي الدولة السورية الموحدة. من جانبها، تؤكد روسيا على إمكانية حل جميع هذه القضايا عن طريق الحوار، وأن تكون التسوية حصرا بالطرق السلمية، وكل تلك القضايا والمشكلات الأمنية والاقتصادية بما في ذلك قضية اللاجئين لا يمكن حلها دون تطبيع للعلاقات ما بين سوريا وتركيا.

وأكد الشاعر، أنه بالفعل تم إحراز تقدم مبدئي، نرى نتائجه جلية في الاجتماعات الناجحة لوزراء الدفاع، وبالتأكيد سيتم في بداية العام القادم لقاء لوزراء الخارجية السوري والتركي، بعدها سيتم عقد لقاء على مستوى الرؤساء، وذلك غير مرتبط بأي شكل من الأشكال بموعد الانتخابات الرئاسية التركية، وعمليا، فقد تم الاتفاق على جميع الخطوات التي سيبدأ اتخاذها على الأرض ابتداء من بعد غد.

واعتبر الشاعر، أن أهم عامل في تطور الملف السوري، والذي يجب أن نلتفت إليه، هو خروج منطقة الشرق الأوسط أخيرا من تحت مظلة الهيمنة الأمريكية، بسبب التطورات الدولية واسعة النطاق، والتي تتحرك بالنظام العالمي نحو التعددية القطبية، لتجد دول المنطقة نفسها مسؤولة عن مصيرها ومصير شعوبها، ومصير الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأضاف، أنا على يقين أننا سنشهد في العام القادم تطورات نوعية في العلاقات بين جميع دول الشرق الأوسط، وستبدأ آفاق الحل لجميع الأزمات اليمينة والعراقية واللبنانية والفلسطينية والليبية والسودانية، وطبعا السورية، وستكون القضية الفلسطينية على رأس الأولويات العربية والشرق أوسطية، وستعود لتكون قضية العرب الأولى، التي يسعى الجميع لحلها حلا عادلا، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.