أخبار ||

الهجوم على اليمن وإمكانية نشوب حرب إقليمية

إبراهيم المقدادي/ باحث وكاتب أردني.

يقول المستشرق “روس داوسون” وهو يشرح نظرية الفوضى:

“في أوقات الفوضى، لا تحاول التنبؤ بالمستقبل المحتمل، بل استكشفه بشكل منهجي”.
من هذه الفرضية يمكن الانطلاق نحو التقييم الأقرب لاستشراف المستقبل لمنطقة الشرق الأوسط التي تشهد تطورات هامة جعلتها محطة أنظار العالم والاهتمام الأول الذي يتابعه قادة العالم بترقب وتمحص واستدلال.

يشهد الشرق الأوسط منطقة غرب آسيا أزمة أمنية حادة تمخضت عم عملية طوفان الأقصى وما تبعها من تطورات عسكرية خطيرة، وهي أزمة لديها احتمالات قوية للانتشار والتصعيد على المستوى الإقليمي والدولي.

وفي عملية رصد كل حدث جديد، لا بد من قياس مدى قدرة ذلك الحدث على تعميق أو توسيع الأزمة في المنطقة.

بعد أن أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا يدين اليمن لمهاجمته السفن التجارية، شن تحالف من الدول بقيادة الولايات المتحدة وإنجلترا هجوما جويا على مواقع عسكرية يمنية، ما جعل المراقبين يطرحون السؤال الأهم وهو: هل سيكون هذا الهجوم مقدمة لهجمات أخرى وانتشار الحرب في المنطقة؟

للإجابة يمكن استخلاص سيناريوهين اثنين :

السيناريو الأول:

أن لا يتجه الحوثيون لمزيد من التصعيد، ويكتفون بتهديد أميركا وإسرائيل خطابيا وإعلانيا، لكنهم عمليا سيوقفون أو يقلصون نطاق الهجمات على السفن التجارية، ويدعم هذا السيناريو حالة التخادم بين إيران وأذرعها بالمنطقة من جهة وأمريكا من جهة أخرى.

السيناريو الثاني:

استمرار الحوثيين في هجماتهم على السفن التجارية الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية.

وفي هذا السيناريو علينا أن نقارن بين دوافع الحرب ودوافع إدارة الأزمات في المنطقة، ثم نعطيها وزنا لنرى ما إذا كان تفاقم الأزمة بين أمريكا والحوثيين سيؤدي إلى توسع الحرب في المنطقة وانضمام أطراف أخرى مثل إيران وحزب الله أم لا؟

دوافع الحرب:

١- استمرار الحرب على غزة.
٢- ضرب أمريكا وبريطانيا الحوثيين.
٣- تزايد الصراعات بين حزب الله وإسرائيل.
٤- استراتيجية إسرائيل لتوسيع الحرب.
٥- هجمات جماعات المقاومة في العراق ضد أمريكا.

مقابل دوافع إدارة الصراعات ومنع اتساعها:

١- استراتيجية أمريكا القائمة على السيطرة على الأزمات.
٢- حالة التخادم الكبرى بين الغرب وإيران وأذرعها.
٣- استراتيجية إيران المتمثلة في عدم الدخول مباشرة في الحرب.
٤- استراتيجية حزب الله للحرب المحدودة مع إسرائيل.
٥- دبلوماسية الدول العربية للسيطرة على الأزمة.
٦- اعتبارات الأوضاع الداخلية لأمريكا وإيران ولبنان.
٧- ما ستنتجه الحرب من آثار مدمرة على المنطقة والعالم أجمع ورغبة كافة الأطراف بتجنبها.

وفقا لما سبق، فإن دوافع إدارة الأزمات أقوى بكثير من الدوافع المؤدية للحرب في الوضع الحالي. ويكفي أن نلتفت إلى خطاب بايدن بعد الهجوم على اليمن، والذي أكد فيها عدم الرغبة في التصعيد لفهم مدى جدية الأطراف في إدارة الأزمة.

وبناء على ذلك، يبدو أنه حتى لو دخلت الحرب بين الولايات المتحدة والحوثيين مرحلة جديدة بعد الرد المحتمل للجيش اليمني على الولايات المتحدة، فإن هذا الحدث لا يمكن أن يخلق حربا إقليمية على المدى القصير.

ومع ذلك، ونظرًا لعدم اليقين وديناميكيات التطورات في منطقة الشرق الأوسط، يمكن القول أن الحسابات الخاطئة للجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية، يمكن أن تغير اتجاه دوافع إدارة الأزمات إلى دوافع حادة لصناعة الحرب، وفي هذا السياق، من الضروري أن تعمل جميع الأطراف على معالجة ووقف هجمات إسرائيل على غزة باعتبارها السبب الجذري للتوترات وعدم الاستقرار في المنطقة، ووضع استراتيجية شاملة لمنع التدخلات الإيرانية في الدول العربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.