أخبار ||

مقابلة خاصة لدرعا 24 مع المستشار السياسي المقرّب من دوائر صنع القرار في روسيا “رامي الشاعر“

  • لقد تحول دور الجيش العربي السوري من جيش التصدّي وحماية سورية إلى جيش لحماية النظام.
  • المسؤولية الأولى والسبب الأساسي لعدم إحراز أي تقدم بالحل السياسي، يقع بالدرجة الأولى على عاتق النظام في دمشق، والذي يريد الحفاظ على السلطة المستمرة منذ ما يزيد عن نصف قرن.
  • هناك إصرار من قبل دمشق ليس فقط على عرقلة عمل اللجنة الدستورية، بل دفن اللجنة الدستورية ونظام دمشق يرفض الاعتراف بالقرار الأممي 2254.
  • دمشق تخشى أن يتم الاتفاق على خروج القوات التركية من الشمال السوري، وهي عكس ما تُعْلن عنه تماما بأنها تشترط خروج الأتراك من الشمال السوري.
  • خروج الأتراك دون التوصل إلى اتفاق أو توافق سوري سوري بين المعارضة والنظام، يعني عودة الاقتتال في سورية.
  • دور دول مجموعة أستانا هو الحفاظ على التهدئة والتسوية الداخلية السورية. وليس حمايةسورية من الاعتداءات الخارجية.
  • لا يوجد أي تنسيق روسي إسرائيلي بخصوص عمليات قصف أهداف في سورية. لكن يوجد قناة تواصل عسكرية لضمان عدم وقوع ضحايا من الجانب الروسي.

في ظل الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، وإطلاق قذائف من الجنوب السوري باتجاه الجولان السوري المحتل، والقصف الإسرائيلي على مطاري دمشق وحلب، والدور الذي تلعبه روسيا، وما إذا كان هناك تنسيق بينها وبين إسرائيل، وبما يخص اجتماعات اللجنة الدستورية ومؤتمر سوتشي.

للحديث حول هذه العناوين وغيرها من الأحداث، التقت درعا 24 مع الكاتب المقرّب من دوائر صنع قرارات السياسة الخارجية الروسية وأجرت معه الحوار التالي:

 

أُطلقت فِي الأيَّام الماضية عِدَّة قَذائِف مِن الجنوب السُّوريِّ بِاتِّجَاه الجولان السُّوريِّ اَلمُحتل، هل ترى بِأنَّ سُورْيَا ستتدَخَّل فِيمَا يَحدُث بِشَكل مُبَاشِر، أم أنَّ الجيْش السُّوريَّ مُنْشَغِل بقصف مناطق شمال غرب سوريا، وإنَّ مَا قام بِه هُو لِحفْظ ماء الوجْه أَمَام الانْتقادات اَلتِي يَتَعرَّض لَهَا كالاحتفاظ بحقِّ اَلرَّد وَغيرِها؟

 

تَربَّى جِيلنَا على أنَّ سُورْيَا هِي دولة الصُّمود والتَّصدِّي، لِلْأسف الوضْع الحاليَّ فِي سُورْيَا يُعيقهَا من أن تَلعَب أو أن يَكُون لَهَا أيُّ مَكَانة أو دَوْر مُؤثِّر فِي الأحْدَاث الحاليَّة فِي فِلسْطِين والْأسْباب مَعرُوفة، فقد أنْهكتْهَا المشاكل الدَّاخليَّة والانْقسامات فِي المجْتمع السُّوريِّ، وعمليّاً تحوّل دَوْر الجيْش العرَبيِّ السُّوريِّ مِن جَيْش التَّصَدِّي وحماية سُورْيَا، إِلى جيْش لِحماية النِّظَام.

وكيف لدولة وضعها مثل وضع سُورْيَا الحاليِّ، سُورْيَا المقسَّمة، والتي تُعَانِي مِن مَأْسَاة إِنْسانيَّة، نَتِيجَة التَّدهْور الاقْتصاديِّ الّذي يزداد يوماً بعد يوم، وافتقادها إِلى أهمَّ المقوِّمات اَلتِي تحْتاجهَا أيُّ دَولَة لِكيْ تَكُون قَويَّة، ولَهَا مَكانَة مُؤَثرَة فِي المجْتمع اَلدوْلِي، أن تَتَدخَّل بِشَكل مُبَاشِر أو غَيْر مُبَاشِر فيما يَحدُث اليوْم.

أَمَّا بِخصوص القذائف اَلتِي ذكرْتموهَا بِسؤالكم وَالتِي أُطلَقت باتجاه الجولان، أوَّلا لَيْس مَعرُوفاً مِن أطْلقَهَا، وَلكِن إِذَا كان القرَار بِإطْلاقهَا مِن قِبل القيادة فِي دِمَشق، فإن إِطْلاقهَا بِهَذا الحجْم، هو عِبارة عن اِسْتعْراض، يُحَاوِل النِّظَام فِي دِمَشق التغطية على عجزه، وعمَّا كَان يَجِب بِالْفِعْل أن يَقُوم بِه اليوْم فِي إِعلَان الحرْب فِي سبيل استعاده الجولان اَلمُحتل، ودعْم المقاومة الفلسْطينيَّة فِي غَزَّة.

من كتاب رامي الشاعر “مؤتمر سوتشي 2018 طريق السلام” والذي صدر باللغة الرّوسية

 مَا هُو اَلموْقِف الرُّوسيُّ مِن تَدخُّل إِيرَان فِي الشَّأْن العرَبيِّ بِشَكل عامٍّ والسُّوريُّ بِشَكل خاصٍّ؟ خَاصَّة فِي ظِلِّ المعْلومات بِأنَّ هُنَاك غُرفَة عمليَّات مُشتركَة بَيْن حَمَاس وإيرَان وحزْب اَللَّه؟

 

لَا أَعتَقد أنَّ هُنَاك غُرفَة عمليَّات مُشتركَة بَيْن حَمَاس وإيرَان وحزْب اَللَّه، بل هُنَاك تَنسِيق، وإيرَان تُقدِّم المساعدات لِحماس وحزْب اَللَّه والْعديد مِن التَّنْظيمات الفلسْطينيَّة اَلأُخرى، وَهذَا لَيْس خافياً على أحد، وروسْيَا تَتَفهَّم ذَلِك.

إِيرَان دَولَة مُؤَثرَة فِي مِنطَقة الشَّرْق اَلْأَوسط، وترْبطهَا علاقَات قَدِيمَة مع سُورْيَا ومع دُوَل عَرَبيَّة أُخرَى، وَقبِل الأزمة السُّوريَّة الحاليَّة بِكثير، رُوسْيَا تَعتَبِر العلاقات الإيرانيَّة السُّوريَّة هُو شَأْن سوري دَاخلِي، والنِّظام الحاليِّ فِي دِمَشق لَه كَامِل اَلحُرية فِي اِختِيار مع من يَتَحدَّث. وأيْضًا يَجِب ألَّا نَنسَى أنَّ إِيرَان هِي أحد أَعضَاء مَجمُوعة دُوَل أستانا إِلى جَانِب رُوسْيَا وَتركِيا، وَكذَلِك هِي أَكبَر دَولَة شِيعيَّة فِي المنْطقة.

رُوسْيَا تَأمُل أن تَنتَهِي كُلُّ الخلافات فِي المنْطقة، وَخَاصَّة بَيْن إِيرَان وبعْض الدُّول العربيَّة، وان تكون بيْنهم علاقَات حُسْن جِوَار، واحْترام مُتَبادَل، وَمَنفعَة مُشتركَة، وَعدَم التَّدَخُّل فِي الشُّؤون الدَّاخليَّة لِأيِّ دَولَة فِي الدُّول اَلأُخرى، وإفْشَال أيِّ مُحاولات لِخَلق فِتْنَة شِيعيَّة سُنِّيّة تَسعَى إِليْهَا الصهْيونيَّة العالميَّة من خلال مَركزِها فِي واشنْطن.

هل ستؤثِّر الأجواء الدولية المتوترة على مصير اِجْتماعات اللَّجْنة الدُّسْتوريَّة وَالتِي أَعلَنت الخارجيَّة السّوريّة عن اِنْعقادهَا فِي عُمان؟

لِلْأسف نَعِم الأجْواء جِدًّا مُتَوترَة، وهذه الأجواء الدّوليّة المتوترة تعرقل الجهود لِإنْجَاز تَقدُّم فِي العمليَّة السِّياسيَّة، والوصول إلى تسوية وحل الأزمة السّوريّة.

ولكن الْمسْؤوليَّة اَلأُولى والسَّبب الأساسيُّ لعدم إِحرَاز أيِّ تَقدُّم بِالْحلِّ السِّياسيِّ، يقع بِالدَّرجة اَلأُولى على عَاتِق النِّظَام فِي دِمَشق، وَالذِي يَرفُض التَّجاوب نِهائِيًّا مع اَلجُهود، بِمَا فِي ذَلِك مُخرجَات مُؤتَمَر الحوَار السُّوريِّ السُّوريِّ فِي سُوتْشِي سِنُّه 2018، ويحاول تفْسيرهَا كمَا يَرغَب.

هناك إِصرَار مِن قَبْل دِمَشق على لَيْس فقط عَرقلَة عمل اللَّجْنة الدُّسْتوريَّة، بل دَفْن اللَّجْنة الدُّسْتوريَّة، من خلال إِصْراره على عدم تَقدِيم أيِّ تَنازُل، والْحفاظ على تمسّكه الكامل في السُّلْطة، كمَا هِي عليْه اليوْم، وَكمَا هِي مُنْذ مَا يزيد عن نِصْف قَرْن، مُتجاهلا الأحْداث اَلتِي مَرَّت بِهَا البلَاد، والْوَضْع اَلذِي وَصلَت إِلَيه اليوْم.

بِالْإضافة إِلى أَنَّه يَحمِّل مسْؤوليَّة الوضْع الدَّاخليِّ الكارثيِّ، الاجْتماعيِّ، والاقْتصاديِّ…، إِلى التَّدخُّلات الخارجيَّة، وَكَأنَّه لَا يُوجَد أيُّ مُشْكِلة دَاخلِية سُوريَة.

ويتفَنَّن فِي اِبتِكار المبرِّرات أَمَام دُوَل مَجمُوعة أسْتانَا، وَالذِين بِفضْلِهم فقط يَسُود اليوْم نِظَام التَّهْدئة بِوَقف الاقْتتال بَيْن السُّوريِّين وعدم نُشُوب حَرْب أَهلِية.

أُريد أن أَوضَح على سبيل المثال، مِن آخر الابتكارات اَلتِي ابتكرها النِّظَام لِعرْقَلة اَلجُهود: هي إعلان وزير الخارجيَّة السُّوريِّ فَيصَل المقْداد بِأنَّ عُمان وافقتْ على اِسْتضافة اِجتِماع اللَّجْنة الدُّسْتوريَّة، ورحّبت مُوسْكو بذلك، وبدأتْ الاسْتعْداد لِلتَّحْضير لِعَقد الاجتِماع، وَإِذ بها تَتَفاجَأ أنَّ عُمان لَم تُعْطِ الموافقة، أو حَتَّى لَم تُبَادِر بِاقْتراح بِخصوص ذَلِك.

والسُّؤال بَعْد كُلِّ ذَلِك لِماذَا لَا تَقتَرِح دِمَشق عَقْد اِجتِماع اللْجنة الدُّسْتوريَّة فِي العاصمة السُّوريَّة دِمَشق؟ وأن تُعْلِن بِأنَّهَا ستُعْطِي الضَّمانات لِأعْضَاء المعارضة بِأَلا يَتِم التَّعَرُّض لَهُم بِأيِّ أذًى كان، أَمَام اَلأُمم المتَّحدة ومجْموعة دُوَل أسْتانَا، أو أن يَطلُب مُمَثلو المعارضة بِعَقد الاجْتماع فِي دِمَشق مع ضمانَات بِعَدم التَّعَرُّض لِلْمضايقات الأمْنيَّة وَغيرِها، بِرأْيي قَضيَّة الدُّسْتور يَجِب أن تُنَاقِش دَاخِل سُورْيَا لا خارجها، ويجِب أن يَتِم التَّوَصُّل إِلى دُسْتُور جديد مِن العاصمة السُّوريَّة دِمَشق، وأكرِّر النِّظَام هُو المسْؤول الأساسيُّ وَيجِب أن تَكُون المبادرة مِنْه وَلكِن لِلْأسف نرى أو تَعَودنَا آخر السَّنوات بأنّه هُو مِن يُعرْقِل، وَهذَا أَصبَح واضحًا لِلْجمِيع بِمَا فِي ذَلِك رُوسْيَا وَتركِيا وإيرَان والْأمم المتَّحدة.

 

إِلى أَيْن وَصلَت مَساعِي مَجمُوعة دُوَل أستانا بِخصوص عَودَة العلاقات السُّوريَّة التُّرْكيَّة، والْحوار المباشر بَيْن النِّظَام السُّوريِّ وَتركِيا؟

دِمَشق تَبتَكِر كُلَّ اَلحُجج لِعَدم حُصُول أو حُدُوث أيِّ تَسوِية لِلْعلاقات التُّرْكيَّة السُّوريَّة، ودمشْق تَخشَى أن يَتِم الاتِّفاق على خُرُوج اَلقُوات التُّرْكيَّة مِن الشَّمَال السُّوريِّ، وَهِي عَكْس مَا تُعْلِن عنه تمامًا بِأنَّهَا تَشتَرِط خُرُوج الأتْراك مِن الشَّمَال السُّوريِّ، لِأنَّهَا تَعِي بِأنَّ الوضْع فِي الشَّمَال لَن يَتِم تسْويَته دُون التَّوَصُّل إِلى اِتِّفاق مع المعارضة والالْتزام بِه، بِمَا فِي ذَلِك الجيْش السُّوريِّ اَلحُر، وَهذِه العمليَّة تَتَطلَّب اِنخِراط النِّظَام فِيهَا فِي البدْء، والتَّفاعل الجدِّيّ مع اللَّجْنة الدُّسْتوريَّة ومخْرجات مُؤتَمَر الحوَار السُّوريِّ السُّوريِّ فِي سُوتْشِي، وَجهُود وَمَسار الاجْتماعات اَلتِي يُشَارِك فِيهَا مُمثِّلون عن المعارضة المسلَّحة.

بِالْإضافة لِلتَّجاوب مع جُهُود اَلأُمم المتَّحدة في البدء بِتنْفِيذ قَرَار مَجلِس الأمْن 2254 والذي يرفضه النظام.

الوضْع فِي سُورْيَا يَزْداد تدهْورًا اِقْتصاديًّا يوْمًا بَعْد يَوْم، ولَا يُمْكِن أن يَبدَأ التَّعافي الاقْتصاديُّ فِي سُورْيَا دُون تَسوِية العلاقات السُّوريَّة التُّرْكيَّة على كَافَة المسْتويات، وَخَاصَّة الأمْنيَّة والاقْتصاديَّة، وَبدُون كُلَّ مَا ذكرتْه لَا تَستطِيع سُلطات دِمَشق بِوضْعِهَا الحاليِّ أنَّ تَحكُّم، أو يَكُون لَهَا سَيطرَة على كَافَّة الأراضي السُّوريَّة.

ولأكون صريحًا أَكثَر مِن ذَلِك، خُرُوج الأتْراك دُون التَّوَصُّل إِلى اِتِّفاق أو تَوافُق سُوريّ سُوريّ بَيْن المعارضة والنِّظام، يَعنِي عَودَة الاقْتتال السُّوريِّ، أو بِداية الحرْب الأهْليَّة والطَّائفيَّة فِي سُورْيَا.

إنَّ مِفتَاح بِداية التَّوافق بَيْن المعارضة والنِّظام، هُو تَسوِية العلاقة مع تُرْكِيا، وَهذَا مَا لَا تُريده دِمَشق، وَهِي اَلتِي تَتَحمَّل نَتِيجَة تَدهوُر الوضْع المعيشيِّ لِعامَّة الشَّعْب السُّوريِّ وَبَقاء سُورْيَا مُقَسمَة.

المصدر: درعا 24.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.