أخبار ||

“التجاذبات السياسية تخلق نمطا خطيرا لإدارة الأزمات”

الكاتب: إبراهيم المقدادي / باحث وكاتب أردني.

منذ عام ٢٠٢٠ تسارع تدريجيا تأثير المتغيرات الإقليمية والتجاذبات السياسية في تغيير المفهوم العام لمصالح الدول والجماعات، ما أدى إلى اللجوء إلى استخدام نماذج جديدة في كسب المنافع والمصالح، وإعادة تعريف الفضاء الجيوسياسي، وإدارة حدة التحديات والسيطرة على التهديدات.

في الوقت نفسه، أصبح تأثير الأدوات الجديدة في حسابات القوة، وتحديد المشكلة وفصلها عن الأزمة، وإدارة المخاطر التكتيكية لتمكين قيمة الاحتواء والتوازن وتحقيق نقطة الاتزان الإداري أحد الاهتمامات الرئيسية لصناع القرار.

خلال عام 2023، برزت الحروب الجيوسياسية في أوكرانيا وفلسطين بشكل كبير، وتم إعادت هذه الصراعات إلى نقطة التوازن في ظروف التحديات الثابتة.

وفي الواقع. خلقت ديناميات الأزمات وعسكرة نقاط الصراع افتراضا مفاده أن الاستفادة من ديناميكية التحديات وخلق سلسلة من المخاطر أمام المنافسين والأعداء هي الطريقة الأمثل لحفظ المصالح وتحقيق الأهداف المنشودة بالنسبة لبعض القوى، وهو المعنى الجديد للردع في هذه الظروف الجديدة.

ولا تزال مشكلة الواقعية والمنهج البراغماتي مستمرا بمعزل عن المحاور الأخرى الفعالة في تحديد الأزمات وإدارتها، ونظرا للتوليفة الجديدة لأدارة الأزمات في المعارك المعرفية والنفسية والإعلامية، فقد تضاعف تأثير هذه العوامل في إدارة مواجهة الأعداء وتصفية الحسابات بالدرجات والمستويات اللازمة.

وفي هذا الوضع فإن الإدارة النسبية للأزمات مع بيئة الاستقرار والتفاهم وخلق النضج في الدبلوماسية هي في حالة انتقالية ومتزامنة، على سبيل المثال، هناك اختلافات واضحة بين الواقعية الآسيوية والواقعية الأوروبية وحتى الواقعية الأمريكية في اتجاهات التوترات وإدارتها والسيطرة عليها.

وفي عام 2023، تبين بشكل واضح أن عملية تطور الأزمات في المنافسات والصراعات الدولية قد خلقت انحيازا جديدا في تعريف وتفسير النظام العالمي، وبدلا من وضعه في إطار دبلوماسية الاتصال، دخل الردع الديناميكي والذكي مجال الضغط الجيوسياسي والاصطدامات المتعاقبة وخلق التصدعات، وانحدرت العقلانية العالمية بشكل خطير عن المعنى التقليدي المتعارف عليه، وسقطت في فخ الأنانية السياسية والمنفعة بعيدا عن المصالح العامة للمجتمع الدولي، فأصبحت قيمة الحوار والتفاعل الهادف لإيجاد نتائج أساسية في المواجهات الاستراتيجية لم تؤخذ في عين الاعتبار إلا في مجال المنطق الوقائي.

وهنا يطرح السؤال: هل سيتغير معنى الأزمة وإدارتها في العلاقات الدولية عام 2024؟

في الوقت الراهن، وما يشهده العالم من نوعية جديدة إدارة الصراعات واحتواء الأزمات، فقد تدنى مستوى حسن النية في طريقة التفاعل والسيطرة على الافتراضات وموازنة العقول إلى مستويات متدنية مقارنة بالعقود الماضية، وأفسحت القيم والتمركز الإنساني المجال للتمركز حول الذات والأنانية في نمط التفاهم العالمي.

الخلاصة: إن النهج العالمي لحل هذا الوضع ضعيف وغير متجانس، وإدارة الأزمات يتم الرد عليها بأسلوب تصدير هذه الأزمات وخلق التحديات أمام الأعداء أو حتى المنافسين، مما يدفع وضع الأزمة إلى أن يصبح أكثر خطورة، إن أي نوع من صناعة المعنى الحقيقي في الوضع الحالي يتطلب تحليلا دقيقا للمشكلة ومن ثم الدخول في المشكلة، كما أن النزول السريع إلى القضية لحل الأزمة سيؤدي إلى استخدام الصيغ التقليدية ويجعل الحلول غير فعالة.

لقد أظهرت التجربة أن الموقف المختلف تجاه التحديات واكتساب خبرات جديدة في التعرف عليها والتعامل معها يزيد في الواقع من القدرة على الاستفادة من الفرص الجديدة، وعلى سبيل المثال، يمكن أن تكون تجربة إدارة العلاقات بين إيران والسعودية عام 2023 مثالاً جيدا في توضيح المشاكل والتحرك نحو الحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.