أخبار ||

هيئة التنسيق الوطنية- حركة التغيير الديمقراطي توجه بياناً للرأي العام.

بيان سياسي للرأي العام

عقد المكتب السياسي لهيئة التنسيق الوطنية – حركة التغيير الديمقراطي اجتماعه الدوري بتاريخ 28 أيار 2023، وتطرق إلى مجمل القضايا والتطورات السياسية التي حصلت على الساحة المحلية والإقليمية والدولية.

في الشأن الدولي،
يرى المكتب السياسي بأن الحرب الروسية في أوكرانيا التي دخلت عامها الثاني قد تحولت إلى حرب بالوكالة بين روسيا والناتو، في ظل وجود آمال ومحاولات من عديد من الدول لإنهاء النظام الدولي القائم على الأحادية القطبية، وبناء نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، يراد منه أن يكون أكثر توازناً في العلاقات الدولية، وأقل هيمنة وتفردا، وأجدى في التصدي لمهام السلم والاستقرار العالمي.
إذ أن بناء عالما متعدد الأقطاب، يستند الى القانون الدولي، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، يتم التوافق فيه على بناء منظمات ومؤسسات دولية أكثر فاعلية، تخفف من هيمنة الخمسة الكبار على القرار، تشارك به أعدادا أكبر من الدول، هو خطوة ايجابية للعالم أجمع، ويساعد شعوب العالم “الثالث” وشعوب المنطقة على الانفكاك من كماشة التبعية والتبادل غير المتكافئ وانتهاج سياسات أكثر استقلالية لما يتيحه ذلك العالم من فرص عادلة.
في الشأن الإقليمي،
يرى المكتب السياسي بأن المتغيرات الدولية تنعكس على الساحة الإقليمية بشكل واضح وسريع، متجلية بإعادة النظر في سياسات دولها، واصطفافها، والعلاقات فيما بينها، فبعد اثنا عشر عاما من التوترات والحروب والصراعات بإدارة القوى الخارجية، بعيداً عن إرادة ومصالح شعوبها، توصلت دول المنطقة الى ضرورة الاقلاع عن هذه السياسات وايقاف الحروب، وفض النزاعات، والتوجه لبناء اقليم خال من المشاكل، كخطوة أولى على طريق الاستقرار وإعادة البناء على مبدأ المصالح المشتركة، والتشاركية والازدهار.
ويعتبر بيان بكين لإعادة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية ايران الإسلامية، والمسار العربي للحل السياسي في سوريا، المعلن عنه في بيان عمان، والمفاوضات الجارية بين دمشق وأنقرة لإعادة العلاقات فيما بينهما برعاية روسية بما يتوافق مع تحقيق المصالح العليا لجميع السوريين، وعودة سوريا الى الجامعة العربية، تعد من أهم الإجراءات التي انعكست عن التغيرات الدولية الأخيرة، وتمثل إذا ما كتب لها النجاح، ولو جزئيا، خطوات مهمة على طريق بناء اقليم متعاون اقتصاديا، تتعاون شعوبه على تجاوز مئة عام من التجزئة والتخلف المليء بالصراعات القومية والدينية والطائفية المدمرة، التي انتجتها اتفاقيات سايكس بيكو ولوزان وغيرها.

وفي الشأن الداخلي،
يرى المكتب السياسي بأن الأزمة المعيشية الحادة التي تعيشها البلاد، والسياسات الاقتصادية التي انتهجها النظام بتواتر بطيء، وبتسارع أكبر في العقد الاول من القرن الحالي، إلى جانب سياساته الأمنية، وتسارع تمركز الثروة والسلطة بيد القلة، وما رافق ذلك من مظاهر التهميش والإهمال للمناطق والمحافظات والبلدات أدت الى المزيد من تردي الأوضاع المعيشية لغالبية الشرائح الاجتماعية السورية، بالإضافة إلى أن الإجراءات الاقتصادية المتسمة باللبرلة والخصخصة المترافقة مع الفساد كانت من أهم الأسباب التي أدت الى الاحتقان، ومن ثم الانفجار في أذار 2011، حيث كان غالبية السوريين ومن كافة المكونات تحت نير اضطهاد سياسي اجتماعي، بالإضافة إلى وجود اضطهاد قومي للأقليات القومية وفي مقدمتها القومية الكردية.
وبدلا من معالجة الأسباب الحقيقية للانفجار، اختار النظام الرد الأمني – العسكري الذي دفع باتجاه تسليح الحراك، مما سنحت الفرصة للتدخل الخارجي، وأستمر النظام في سياساته الاقتصادية بعيدا عن مصالح غالبية السوريين، خدمة لتجار وأمراء الحرب، اللذين تمفصلت مصالحهم مع استمرار هذا النهج المتبع. وأدت الحرب المستمرة منذ اثنا عشر عاما الى تدمير الدولة والمجتمع، فأصبحت الدولة عاجزة استعادة السيادة والدفاع عن حدودها، وعاجزة عن تأمين الحدود الدنيا من متطلبات العيش للمتبقين تحت سيطرتها بعد أن هاجر ونزح أكثر من نصف السكان، بالإضافة إلى المجتمع المبعثر في مناطق النفود للقوى الخارجية إذ يعاني من نسبة فقر أكثر من تسعين بالمئة.
وكما يرى المكتب السياسي بأنه بالرغم من الأهمية الكبرى لما يمكن أن ينتج عن الاتفاقات بين الحكومات العربية والحكومة السورية، على الصعيد الاقتصادي والأمني، نتيجة الحاجة الماسة للسوريين لها، إلا أنها ستكون مجرد تخدير مؤقت لن يمنع من إعادة الانفجار بشكل أكثر سوءا ما لم تكون تلك الاتفاقيات خطوات في سياق الحل السياسي، في ظل أجواء دولية وإقليمية مساعدة على البدء بحوار سوري – سوري كمقدمة لعملية سياسية يمتلكها السوريون، عبر مفاوضات جادة ومسؤولة بضمانات ورعاية دولية.
إن المكتب السياسي يرى بأن وجود هكذا حل يؤدي الى الانتقال السياسي، ويحقق المصالحة الوطنية، ويستعيد الأراضي المحتلة والسيادة السورية، يتطلب وجود حامل سياسي سوري للمشروع الوطني الديمقراطي، كيانا تنظيميا سياسيا، يشارك فيه كل من يؤمن بضرورة الانتقال السلمي الى الديمقراطية، كيانا سياسيا تحالفيا مرحليا، تشارك به جميع القوى السياسية من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات وطنية، ما يملي على جميع القوى السياسية المعارضة، تسريع الحوار الدائر بينها، للتوصل الى برنامج الحد الأدنى الذي يساعدها على التصدي للمهام المطروحة، والمتغيرات التي تأتي بها الأحداث.

وبناء على ما سبق من رؤى، فإن المكتب السياسي لهيئة التنسيق الوطنية – حركة التغيير الديمقراطي اتخذ بصددها المواقف الآتية:
1- فيما يخص الواقع المعيشي المتردي جدا لأغلب الشعب السوري يحمل المكتب السياسي النظام السوري كامل المسؤولية عن ذلك. وإذ يؤكد المكتب السياسي على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لتحسين ظروف حياة السوريين في داخل البلد، فإنه يحسب ذلك صعبا في ظل سياسات تعتمد على الفساد والافساد في إدارة الدولة والمجتمع، والتي أدت إلى سيطرة طغمة مالية أمنية على مفاصل الاقتصاد السوري، وتسببت في هجرة عقول وخبرات سورية علمية واقتصادية كثيرة إلى خارج البلاد، وهذا يؤكد على أنه ستبقى الأوضاع تتجه نحو الأسوأ بدون وجود حل سياسي جذري وشامل.
2- فيما يخص المعتقلين والمغيبين قسراً، فإن قضية المعتقلين السياسيين والمفقودين والمغيبين قسرا قضية سياسية وانسانية فوق تفاوضية يطالب المكتب السياسي بحلها دون تأخير، وبهذا الخصوص يناشد المكتب السياسي المجتمع الدولي وجميع القوى المحبة للحرية والسلام ممارسة مساعيها لحل هذه القضية.
3- فيما يخص عمليات التطبيع الجارية عربيا وإقليميا مع النظام السوري، فإن المكتب السياسي يرى إمكانية تحويلها إلى فرص لتحسين ظروف الحياة في سورية، وحل مشكلة اللاجئين في الدول المجاورة، شريطة استجابة النظام لمتطلباتها التي نصت عليها وثيقة عمان الصادرة بتاريخ 1/5/2023 عن اجتماع وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن والعراق وسورية.
4- بخصوص الحل السياسي المتعثر كثيرا فإن المكتب السياسي يعتبر النظام المسؤول الأول عن تعثره، ويأمل أن تمارس الدول العربية والإقليمية التي تطبع معه أقصى الضغوط المكنة لدفعه للاستجابة لمتطلباته وفق القرار الأممي 2254. إن توحيد سورية، وتحريرها، وإعادة اعمارها، وتامين الظروف المناسبة للعودة الأمنة للاجئين والمهجرين إلى مناطقهم، وتحسين ظروف حياة السوريين كلها قضايا مرتبطة به. ويشدد المكتب السياسي على ضرورة إجراء تغيير جذري وشامل في النظام الاستبدادي القائم تمهيدا لبناء نظام ديمقراطي علماني لا مركزي يحقق العدالة لجميع السوريين.
5- بخصوص القوات العسكرية الأجنبية، فإن الوجود العسكري لدول عديدة على الاراضي السورية واقع يرفضه الشعب السوري وسوف يعمل على تحرير بلده من جميع الاحتلالات القائمة. وبهذا الخصوص لن ينسى شعبنا الدور الاجرامي الذي قامت به تركيا على الاراضي السورية بدعمها للقوى الارهابية وباحتلالها لأجزاء غالية منها. ان الممارسات التي تقوم بها تركيا على الاراضي السورية من تغيير ديمغرافي ومن نهب لثروات المناطق التي تحتلها ومن تدخلها في الشؤون الداخلية لبلدنا امر مدان ومرفوض.
6- بخصوص واقع المعارضة السورية، يرى المكتب السياسي إن ما آل أليه حالها هو نتيجة مباشرة لسياساتها الخاطئة، وتبعيتها لدول خارجية، وتشرذمها. وفي هذه الظروف التي تتسارع فيه عمليات التطبيع مع النظام بغياب تام لأي دور للمعارضة السورية، فإن المكتب السياسي، شعورا منه بالمسؤولية والواجب، يوجه نداء لجميع القوى الوطنية الديمقراطية للاجتماع وتشكيل قطب وطني ديمقراطي معارض استعدادا للمساهمة في الاستحقاقات القادمة للحل السياسي للأزمة السورية.
7- بخصوص الوضع العربي يثمن المكتب السياسي النهج السياسي الجديد القائم على حل أزمات المنطقة وصولا إلى ما يسمى بصفر مشاكل، والتي تعد المملكة العربية السعودية رائدة له، تمهيدا لخلق الظروف المناسبة للتنمية المستدامة في جميع دول المنطقة.
8- بخصوص القضية الفلسطينية، يدين المكتب السياسي الممارسات الصهيونية العنصرية بحق الشعب الفلسطيني، ويعلن وقوفه إلى جانب قضية الشعب الفلسطيني العادلة المتمثلة بإنشاء دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشرقية. ويشدد المكتب السياسي أيضا على تمسك الشعب السوري بأرضه المحتلة في الجولان، واصراره على تحريرها بكل الوسائل الممكنة المشروعة.
9- بخصوص الوضع الدولي والتغيرات الجوهرية والحاسمة التي تجري فيه باتجاه عالم متعدد الأقطاب، يرى المكتب السياسي أن عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي شيد على نتائج الحرب، التي يشكل عنصر القوة العامل الحاسم فيها، لم يعد صالحا لإدارة العالم، ولا بد من تكوين عالم متعدد الأقطاب يقوم على المنافسة السلمية العادلة في المجال الاقتصادي والعلمي والاجتماعي ويكون أكثر حريةً وإنصافاً وعدلاً.

دمشق في 28 أيار 2023.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.