أخبار ||

الدكتور إليان مسعد: نجح معاوية والأمويون باستعادة ألق سوريا الإمبراطوري لانهم كانوا علمانيين.

الكاتب: الدكتور إليان مسعد،/ رئيس وفد معارضة الداخل/ منسق الجبهة الديمقراطية العلمانية.

  • معاوية ملك دمشق وسوريا.
  • مع الاشارة بالبدء اني أفصل الشخصية السياسية لمعاوية التي أقدرها عن الأسطورة الدينية له التي لا تعنيني أبداً وأشك بصدقيتها؛ وذلك بمناسبة مشروع فلم عن معاوية رصد له مئة مليون دولار؛  متأكد لن ينجحوا فيه بإبراز ما شحب من شخصيته ودوره بل سيتم غالباً شحن الفلم بجرع خصامية وخرافية لذا سأقارب شخصيته ودور الأمويون وعلاقتهم بدمشق وسوريا والسوريون من جوانب أخرى.
  • نعم لقد نجح معاوية والأمويون في سوريا ودمشق باستعادة ألقها الإمبراطوري لأ نهم كانوا علمانيون.
  • سوريا الأموية و الأمويون و معاوية و خلفائه و تأهيل عرب البادية لاستعادة سوريا كزعيمة لبحر آمورو الكبير (المتوسط) ليصبح العالم القديم بحيرة أموية سورية.

ابتدأ عودة الحظ السوري من جديد باحتلال الفرس لسوريا و تدميرها و قتل سكانها وتهجير قسم كبير منهم الى عراق العجم و كان النبي بالمرحلة المكية قد تنبأ بذلك و تنبأ بهزيمة الفرس فقد استعاد هرقل زمام المبادرة عسكريا و هزمهم و استعاد سوريا و العراق و احتل و احرق طيسفون (المدائن ) عاصمتهم وانهارت الامبراطورية الفارسية تماماً و تبع الانتصار البيزنطي لهرقل بفترة قصيرة الانسياح العربي بالعراق و سوريا الذي مهد له دولة فارسية منحلة و دولة بيزنطية متعبة من حروب متواصلة وصراعات مذهبية فرغم هزائم العرب بالعراق بمعارك البويب و الجسر فقد هزم و سحق العرب مرزبان العراق ( رستم ) بمعركة فاصلة بالقادسية و هزم حاكم سوريا البيزنطي بأجنادين و اليرموك و وقع العبء العسكري بشكل أساسي على قبائل يمانية (بالعراق تجمع قبائل زبيدة بقيادة عمرو ابن معد يكرب) وقبائل يمانية اخرى لها بسوريا فروع و قرابات و هذا ما سهل الفتح كثيرا اضافة للتناقضات المذهبية مع البيزنطيين بسوريا لدى المسيحيين السوريين و ضمن هذا الجو السديمي برز حاكم سوريا الاستثنائي معاوية الذي أجمعت القبائل اليمانية القديمة المسيحية المتوطنة و كذلك الواصلة حديثا ومع مسيحيي سوريا على قبول حكمه, فعين أميرا للشام بهذا التوافق الفريد, هذا العبقري الذي لا يقل عن من سبقوه من حكام أفذاذ سابقين ( حزائيل – سلوقس -انطوخيوس الكبير – زنوبيا ) والذي بدا فور وصوله لدمشق بالتقارب مع الجميع الذين تحالفوا معه طوعا و حتى عرب الشام الذين حاربوا بالبدء مع البيزنطيين ضد العرب الوافدين فاستوعبهم كلهم و صهرهم و صاهر زعيم أهم عشيرة مسيحية يمانية عربية ( بحدل ) والتي تسكن على أطراف مدن الشام ( بنو كلب ) حتى اضحت كلمة تبحدل فلان أي اضحى حليفا للنظام الجديد كبحدل حمو معاوية ووالد ميسون ام وريثه يزيد حيث قام معاوية بعد ان استوعبهم و اجبرهم على احترام السوريين الاصليين وكانت اراء معاوية بمجمل السوريون فريدة اذ يقول معاوية يوما سآتيكم باهل الشام الذين لا يميزون الناقة من الجمل لايغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه، وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه  انتصروا بهم فهم  خير أجناد الارض . واتقوا فيهم ثلاثاً  نسائهم فلا تقربوهم بسوء وإلا أكلوكم كما تأكل الأسود فرائسها  أرضهم وإلا حاربتكم صخور جبالهم  دينهم وإلا أحرقوا عليكم دنياكم

كما تشدد معاوية بمجال الاقتصاد حول ضرورة الامان و تحالف مع السكان الاصليين عبر احترام معتقداتهم و استوعب القادمين الجدد مع الفتح ممن لم يستوعبوا السياسة الجديدة بمعسكر عمواس بالجليل شمال فلسطين بثلاث قرى كانت اسرته تمتلكها منذ الجاهلية ليمنع اختلاطهم بالسكان وبهذه السلسلة من التحالفات مع السوريين لا بل ذهب بعيدا و ألقى خطابا شهيرا بالقدس (توج معاوية خليفة في القدس وليس دمشق ولذلك الحدث رمزية لا تخفى على لبيب) وطلب منهم بخطابه بصراحة دعمهم و مساعدتهم بمواجهته مع خصمه الامام علي واهل العراق  و حذرهم بخطابه من أن هزيمته ستعني حكم أقل ملائمة لهم دينيا و اقتصاديا و جمع منهم الاموال التي دفعها للقبائل اليمانية الشامية التي أقام عليها و بفضلها نظام حكمه هو و خلفائه ففتح معهم و مع خلفائه العالم من اسبانيا و حتى السند بالهند و ما وراء النهر بآسيا الوسطى وحتى الصين و بقي هذا التحالف فعالا بسوريا و لعب ادوارا كبيرة بكل المفاصل التاريخية و الحربية على الاراضي السورية وسقطت الدولة الاموية بعهد مروان ابن محمد الملقب بالحمار وكان حماراً سياسياً فلقد استبدل المركب اليماني بحكم الامصار باقرباء والدته من القيسيين الذين لم يكن لهم اي تجربة بحكم الدول وبقي النفوذ اليماني مؤثراً وشارك بصنع المستقبل السياسي لسوريا الطبيعية و جبل لبنان حتى عام 1711 حيث هزمت بقايا اليمانية في معركة عين داره بلبنان من قبل تحالف القبائل القيسية و نتيجة انحياز الاكليروس الماروني الى جانب القيسية و هي من بعيد من اعطى الكيان اللبناني خصوصيته الحالية

و بالعصر الاموي تحالف السوريون الاصليون والقبائل اليمانية القديمة والمتوطنة داخل سوريا المحطمة خارجيا من قبل الفرس الساسانيون و داخليا من قبل البيزنطيون و نزاعاتهم الطائفية ادت لاستقرار وعودة سوريا الاموية الامبراطورية ورفاهها الاقتصادي مع اعادة  التنويه ان السياسة الحمقاء لاخر الامويين مروان ابن محمد الملقب بالحمار والذي تخلى عن اليمانية كعصب لحكمه واستبدلهم بالقيسيين اخواله كان عاملا مهما بسقوط الدولة الاموية ومقتله في ابو صير بصعيد مصر

ومن الناحية الجيوبوليتيكية بالعصر الاموي عادت سوريا لتتصدر العالم و تعود محورا أوحدا عبر استراتيجية أموية سورية قديمة مستحدثة هو عودتها لامتلاك اسطول بحري و مهاجمة القسطنطينية و رغم فشل كل الحملات و لكن العرب حولوا شرق البحر المتوسط لمنطقة نفوذ لهم و بضربة معلم مع قبائل يمانية الشام وسكان الشام يصل معاوية و خلفائه لحدود الصين فحلفائه المسيحيين السوريين و الذين كانوا يشكلون 90% من السكان و 100% من كل الفعاليات غير العسكرية بدعمهم سيستولي الأمويين على البحر المتوسط مع ما جر ذلك من ثراء و تجارة و ازدهار و هكذا من تدجين البدو للحفاظ على استقرار لسوريا بسياق دين جديد متحمس أضحت و استعادت سوريا مركز الامبراطورية العالمية السابقة وهي ذات لون عربي و اسلامي مستحدث عبر السلالة الأموية و عاصمتها دمشق و ما كان المشروع لينجح لولا لقاء المنافع بين المتحمسين للدعوة و السوريين أصحاب المصلحة و علينا أن نقدر بأفضل التقدير الأهمية الكبرى للسلالة الأموية بحسنها و سيئها و سياستها الحكيمة بدمشق و لولا روح دمشق و لما سمحت به من ابراز دور سوريا التاريخي من جديد سوريا الآرامية و انطاكية بطريركية هلنستية و رومانية و البيزنطية فعادت محورا و قطبا عالميا عسكريا و حضاريا بالتوسع برا شرقا و غربا و بحرا و تنظيميا بالتكيف مع شعوب و ثقافات مختلفة عن طريق سياسة قديمة جرى طرحها سابقا و هي سياسة استيعاب سلمي للمغلوبين و رغم بعض الشواذات وسببها قهر المغلوبين لاستغلالهم اقتصادياً و لكن بشكل عام كان المناخ السائد بوقتها مواتيا للشعوب و ستطئ أقدام الفاتحين كل العالم القديم الذي فتحه أسلافهم بلغتهم و تجارتهم و تبشيرهم الديني و استعادوا من جديد امبراطورية كونية نمت بصورة مذهلة و كان عليهم ان يركزوا على وحدتها و تم ذلك ببلدة الجابية و هي من بلدات الجولان و كانت مركزا سياسيا لإمارة الغساسنة و طيلة أشهر طويلة اجتمع استراتيجيو هذه الدولة الاموية فحددوا الخطوط الكبرى للأقاليم المفتوحة مستعينين بالتنظيمات البيزنطية السابقة و سلم الرواتب و التعويضات و تقسيم الغنائم و أرسلت النسخة العثمانية للقرآن فجرى تنظيم النصوص المعروضة و المنظمة حسب طول السور الى العراق لتنقط لدى الحجاج حتى لا تكون مثالا للاختلاف بالقراءة كما ان الفترة الأموية الأولى تميزت بالتسامح و التفهم للسكان الاصليين و دون أي فرض حظر و متعصب للدين مع احترام قل نظيرة للحضارات السابقة وما عدا انخراطهم بحرب الايقونات ضد السوريين بتأثر الامويين بالنزعات البيزنطية بحينها لقلنا كان عصراً مثالياً للسوريين ومع موظفين كبار بالدولة من العناصر الأصلية ضمن ديوان الجند و بيت المال ووزراء من امثال منصور ابن سرجون و القديس يوحنا الدمشقي مع اللغة القديمة وحاشية مكونة من الارستقراطية السورية القديمة من المتعاونين و العرب المسيحيين و الارستقراطية العربية الاسلامية من الفاتحين كلهم لخدمة المشروع الذي بدأه قصي الجد المشترك للأمويين و الهاشميين و ها قد تحقق بسوريا من الصين و حتى اسبانيا و لما لا .

نعم لقد نجح الامويون في سوريا ودمشق باستعادة القها الامبراطوري لا لانهم كانوا متدينون لانهم لم يكونوا كذلك وانما لانهم كانوا علمانيون وبسياسة كانت عبر العصور تعطي ثمارها دعه يعمل دعه يمر وخسروا الدولة اخيراً لانهم عكسوا الاية وانقلبوا على التفاهمات واضطهدوا رعاياهم بحرب الايقونات واضطهد مروان الحمار بني كلب واليمانية واحل محلهم قيسيون لا علاقة لهم بادارة الدول كاسرا العمود الفقري للدولة.

المصدر: من مقالة للدكتور إليان مسعد منشورة على صفحته الشخصية.

 

 

الآراء الواردة، لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع، ولكنها تعبر عن رأي كاتبها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.