أخبار ||

وساطة أمريكية في حقل العمر توقف الاقتتال داخل قسد: ما دلالات ذلك، وهل أصبحت دير الزور مفتوحة على جميع الاحتمالات.

بعد الاشتباكات العنيفة في مناطق ” الإدارة الذاتية” بين أحد أهم مكونين داخل قسد وهما مجلس دير الزور العسكري الذي ظل لسنوات الذراع الأقوى والأوحد عسكرياً وسياسياً في مناطق دير الزور من جهة، وبين الشرطة العسكرية والأشايس القوة الأهم أيضاً لقسد في مناطق سيطرتها من جهة أخرى.

مصادر مطلعة نفت أن يكون السبب المباشر للخلاف بين قسد ومجلس دير الزور العسكري، هو قيام الشرطة العسكرية التابعة لقسد باعتقال عناصر من مجلس دير الزور العسكري.

وأرجعت المصادر أن الأسباب الحقيقة تعود إلى وصول معلومات إلى قيادة المجلس العسكري بدير الزور تفيد بمحاولة قيادة قسد تفكيك مجلس دير الزور العسكري أسوة بسابقاته من التشكيلات العسكرية العربية التابعة له، ومنها على سبيل المثال، مجلس الرقة العسكري وقوات النخبة السورية.

وبالرغم من تعقيدات المشهد وطبيعة العلاقة البراغماتية بين الطرفين ( قسد ومجلس دير الزور العسكري)، يحاول مجلس دير الزور العسكري الذي يقوده أحمد الخبيل المعروف بـ ” أبو خولة” بالاستفادة من حالة الاحتقان والتهميش التي تعيشها المناطق العربية في دير الزور، حيث دعا الأخير في تسجيل صوتي إلى النفير العام، والحرية الكاملة لتشكيلاته العسكرية، ما أدى إلى مهاجمة مقرات الشرطة العسكرية التابعة لقسد بقذائف الـ ” آر بي جي” وإحراق حاجز العمليات والأشايس في منطقة العزبة في دير الزور، بعد مقتل عنصر من المجلس العسكري.

أما الأهالي فقد وجدوا في الأحداث فرصة للتعبير أعلنوا من خلالها حالة من الهيجان والعصيان المدني، الأمر الذي وضع الأمور أمام سياقات جديدة خارج الاقتتال العسكري، وذلك في أن تتحول الخلافات العسكرية بين الطرفين إلى عصيان وهيجان مدني، وهو ماحصل الليلة الماضية وما قبلها، الأمر الذي دفع الأمريكان للتدخل تخوفاً من تحوّل مناطق دير الزور – حيث قاعدتهم في حقل العمر –  إلى مناطق فوضى عارمة، خصوصاً إذا تزامن ذلك مع انشقاق مجلس دير الزور العسكري في الجغرافية الديرية ذاتها.

لهذه الأسباب، عُقدت برعاية أمريكية – صباح اليوم الإربعاء-  التسوية بين الطرفين، أفضت بعد اجتماع ضباط أمريكيين مع قيادة قسد  ومجلس دير الزور العسكري التابع لها، إلى تسوية بين الطرفين، لا أحد يعرف تفاصيلها بشكل كامل حتى الآن. إلا أن ماتسرب هو توصل الطرفين إلى أهمية سحب مسلحي الطرفين من الشوارع وإنهاء مظاهر الهيجان المدني، وعودة المسلحين إلى مقراتهم، وتشكيل لجنة للتحقيق ومحاسبة المتسببين.

في دلالات ماحدث، تبدو التسوية هشة وضعيفة، وجاءت لمصلحة الجميع، فمجلس دير الزور العسكري وبالرغم من صمت التحالف في الأيام الأولى إلا أنه – أي المجلس- كان متخوفاً أن تُحسب تحركاته وتصريحاته ضد التحالف الدولي،  أو يٌحسب عليه أنه تمرد على حليف الأمريكان العسكري ( قسد)، بالمقابل أحدث انشقاق مجلس دير العسكري صدمة لقسد، لاسيما من قبل أحد أهم تشكيلاتها في الحرب ضد داعش، بالإضافة للمفاجأة التي أحدثها مجلس دير العسكري الذي تمكن من أن يكون صوتاً واحداً حين امتثل لتوجيهات قيادته وقام بمهاجمة مقرات الشرطة العسكرية التابعة لقسد والسيطرة على الحواجز التابعة للأشايس، كما قدرته – أي المجلس- على الاستفادة من أوضاع السيئة مدنياً وخدمياً حين أعلن خلافه مع المجالس المدنية، وكذلك الاستفادة من العامل العشائري.

أما بالنسبة للأمريكي فقد كان متخوفاً من تحوّل الانشقاق العسكري إلى عصيان مدني وفوضى عارمة تهدد وجوده، والدليل على ذلك أنهم تدخلوا مع اليوم الأول لحالة الهيجان والعصيان المدني. بالمقابل قد يرى الأمريكان في عزل مجلس دير الزور العسكري عن قسد خطوة للاستفادة منه كقوة في أية مواجة محتملة مع المليشيات الإيرانية غرب الفرات، خصوصاً بعد رفض قيادة قسد أية عملية عسكرية ضد إيران غرب الفرات.

كل ذلك يشير إلى هشاشة الهدنة بين الطرفين، خصوصاً في منطقة عربية عشائرية مئة بالمئة، وبالتالي سهولة أن تكون صوتاً واحداً بأية لحظة كثقافة مجتمعية.

لقد ظلت مناطق ” الإدارة الذاتية” في دير الزور صفيحاً ساخناً، يعزز ذلك غياب أية مكونات سياسية تعمل على تأطيرها برؤى تعمل على الاستقرار والتنمية.

لهذه الأسباب مجتمعة، جغرافيا الإدارة الذاتية، وبالأخص دير الزور مفتوحة على جميع الاحتمالات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.