أخبار ||

حزب الإرادة الشعبية المعارض: كيف نتحضر لانسحاب أمريكي محتمل من سورية؟

بقاء القوات الأمريكية في كلٍ من العراق وسورية أو انسحابها منهما، لا يتحدد بالصراعات الانتخابية الداخلية في أمريكا، وإنما بالاستراتيجيات الكبرى لكيفية إدارة واشنطن ونخبتها الدولارية لصراعها العالمي للحفاظ على هيمنتها.

بشكلٍ أكثر ملموسية، وبما يخص منطقتنا، فإنّ ما يحسم القرار بين بقاءٍ أو انسحاب، هو خطة الفوضى الشاملة الأمريكية في المنطقة، التي تحدثت عنها قاسيون في افتتاحياتها السابقة بشكلٍ مستفيض، والتي لا يتم التعامل معها كمخرجٍ وحيدٍ من الهزيمة الأمريكية الصهيونية في غزة، بقدر ما يتم التعامل معها كمخرجٍ مؤقتٍ من أزمة أكثر ضخامةً، هي احتمال خروج المنطقة بأسرها من تحت النير الأمريكي، بما يستتبع ذلك من تأثير ضخم على مجمل الهيمنة الأمريكية العالمية.

لا شك أنّ تصاعد حجم الضربات التي تتلقاها القوات الأمريكية في مجمل المنطقة، وكذا تصاعد الهجوم السياسي، الشعبي والرسمي، على استمرار وجود قواتها، سواء في العراق أو في سورية، وأيضاً تصاعد رفض الرأي العام في الداخل الأمريكي لاستمرار «الحروب التي بلا نهاية»، لا شك أنّ هذه جميعها عوامل ضاغطة باتجاه الانسحاب.

مع ذلك، فإنّ واشنطن، وإذا افترضنا أنها قد باتت على قناعة بضرورة انسحابها، فإنها ستنفذه بطريقة محددة تسمح بخلق ثقبٍ أسودَ وراءها، أحد أسمائه وأدواته داعش، والتي لن تكون الأداة الوحيدة. أي أنّ واشنطن، ستحاول، في حال قررت الانسحاب، تحويل هذا الانسحاب إلى صاعق لتفجير جديدٍ واسع النطاق.

تحقيق الأمريكان لغايتهم ليس قدراً لا راد له. على العكس من ذلك، فإنّ إمكانية تطويقه قائمة وقابلة للتحقيق (ما يجري حول أفغانستان وفيها بعد الانسحاب، ورغم كل عيوبه ومشكلاته وحتى مصائبه، هو مثال على عملية التطويق التدريجي).

بالنسبة لنا في سورية، فهنالك مستويان في العمل التحضيري اللازم لاحتمال انسحاب أمريكي.

المستوى الأول: هو مستوى عمل القوى الدولية والإقليمية، وخاصة أستانا، التي تكشف تصريحات مسؤولين في كل من دولها الثلاث، ليس فقط أنّ هذه الدول تضغط لخروج الأمريكي، بل وأيضاً أنها تُقدِّر أنّ الأمريكي سيحاول ترك الفوضى وراءه، وأنّ فوضاه «مقدورٌ عليها» وعلى تطويقها ضمن آجالٍ زمنية غير طويلة.

المستوى الثاني والأهم: هو أنّ على القوى الوطنية السورية أن تتجهز بكل ما يلزم للتعامل مع هذا الاحتمال. بالدرجة الأولى، عليها ألّا تنساق إلى إشعال اقتتالات بينية يؤسس الأمريكي لانفجارها وتجددها.

المفتاح الأساسي، هو لمّ الشمل الوطني على أساس الحل السياسي الشامل، على أساس التنفيذ الكامل للقرار 2254 كما هو. والابتعاد نهائياً عن الوقوع في وهم الوعود الغربية والأمريكية من كلّ شاكلة ولون، والتي أثبتت الوقائع بما يكفي ويزيد من الأدلة، أنها وعود كاذبة، أول من يقع ضحيتها، هم أولئك الذين يعتبرون أنفسهم الأقرب إلى الأمريكان… ابتداءً من أوروبا، ووصولاً إلى آخر متحالف مع الأمريكي في أي بقعة من بقاع العالم.

ارتفاع احتمال انسحاب الأمريكي، ورغم أنه يحمل معه مخاطر خطط التفجير الأمريكية المصاحبة للانسحاب، إلا أنه خطوةٌ إلى الأمام في تهيئة الظروف المناسبة لإعادة توحيد سورية والشعب السوري، وخطوةٌ إضافية نحو تقويض الهيمنة الأمريكية، ومعها هيمنة المتشددين الرافضين للحل السياسي في سورية، بكل أشكالهم…

المصدر: افتتاحية قاسيون الصادرة عن حزب الإرادة الشعبية للمعارضة السورية/ العدد 1159

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.